ما ولا المشبّهتان بليس
ص : الثالث : ما ولا المشبّهتان بليس ، وتعملان عملها ، بشرط بقاء النّفي وتأخّر الخبر ، ويشترط في ما ، عدم زيادة ان معها ، وفي لا ، تنكير معموليها. فإن لحقتها التاء اختصّت بالأحيان ، وكثر حذف اسمها ، نحو : (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ.)
ش : النوع الثالث من أنواع النواسخ ما ولا النافيتان المشبّهتان بليس في معنى النفي والجمود والدخول على الجملة الاسميّة ، ولذلك تعملان عملها عند الحجازيّين ، فترفعان المبتدأ وتنصبان الخبر ، وعلى لغتهم جاء التتريل قال تعالى : (ما هذا بَشَراً) [يوسف / ٣١]. وقال الشاعر [من الطويل] :
١٦٨ ـ تعزّ فلا شيء على الأرض باقيا |
|
ولا وزر ممّا قضى الله واقيا (١) |
فائدة : وجدت بخطّ الصلاح الصفدي (٢) ما صورته : سالت الشيخ أثير الدين أبا حيّان ـ أدام الله فوائده ـ كم ورد في القران العظيم إعمال ما اعمال ليس؟ فقال ثلاثة مواطن : أحدها : (ما هذا بَشَراً) [يوسف / ٣١] ، والثاني : (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ) [المجادلة / ٢] ، والثالث : (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) [الحاقة / ٤٧]. قال : وزعم بعضهم أنّ حاجزين صفة لأحد وليس بشيء ، إذ الصفة مستغن عنه ، والخبر محطّ الفائدة ، انتهى ، وفيه نظر ، وبنو تميم يعملونها.
قال ابن الحاجب في شرح المفصّل والنّحويّون يزعمون (٣) أنّ لغة بني تميم في ذلك على القياس ، ويقولون إنّ الحرف إذا لم يكن له اختصاص بالاسم أو بالفعل لم يكن له عمل في أحدهما ، وما يدخل (٤) على القسمين فالقياس أن لا يعمل في أحدهما. قلت لا خلاف في إعمال لا الّتي لنفي الجنس ، وإذا صحّ إعمال لا باتّقاق ، فلا بعد في إعمال ما ، فإن زعم زاعم أنّ لا الناصبة غير لا الداخلة على الفعل ، قيل له : فما لمانع أن يكون ما الرافعة غير ما الداخلة على الفعل ، انتهى ، وفيه بحث ظاهر.
قال ابن هشام : وقريء على لغة تميم : ما هذا بشر و (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ) بالرفع ، وقرئ أيضا : ما هن بأمهاتهم بالجرّ بباء زائدة ، وتحتمل الحجازيّة والتميميّة خلافا لأبي على والزمخشريّ زعما أنّ الباء تختصّ بلغة النصب ، انتهى.
__________________
(١) هذا البيت من الشواهد الّتي لم يذكروا لها قائلا معينا. اللغة : تعزّ امر من التعزّي وأصله من العزاء وهو التصبر والتسلي على المصائب ، الوزر الملجأ.
(٢) الصفدي (صلاح الدين خليل) (نحو ١٢٩٦ ـ ١٣٦٢) أديب مورخّ عمل في ديوان الانشاء في حلب ودمشق ، له مولّفات كثيرة أشهرها : «الوافي بالوفيات» وهو معجم للاعلام و «أعيان العصر». المنجد في الأعلام ص ٣٤٦.
(٣) في «ح» سقط يزعمون.
(٤) ما لا يدخل «س».