١٧٦ ـ وحلّت سواد القلب لا أنا باغيا |
|
سواها ولا في حبّها متراخيا (١) |
وتأوّله له المانعون.
قال ابن مالك : ويتمكّن عندي أن يجعل أنا مرفوع فعل مضمر ناصب باغيا على الحال ، تقديره لا أشري باغيا ، فلمّا أضمر الفعل برز الضمير ، وانفصل ، ويجوز أن يجعل أنا مبتدأ والفعل المقدّر بعده خبرا ناصبا باغيا (٢) على الحال ، ويكون هذا من باب الاستغناء بالمعمول عن العامل لدلالته عليه ، انتهى.
مع أنّه أجاز في شرح التسهيل القياس عليه ، واعترف في التسهيل بالندور ، فكلامه مختلف ، ومثله قول الآخر [من البسيط] :
١٧٧ ـ أنكرتها بعد أعوام مضين لها |
|
لا الدّار دارا ولا الجيران جيرانا (٣) |
وعليه بني أبو الطيب قوله [من الطويل] :
١٧٨ ـ إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذي |
|
فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا (٤) |
وقيل : هو لحن منه.
تنبيه : يشترط في «لا» أيضا أن تكون لنفي الوحدة فقط ، نحو : لا رجل في الدار قائما بل رجلان أو رجال ، أو لنفي الوحدة احتمالا مرجوحا ، ولنفي الجنس احتمالا ظاهرا ، نحو : لا رجل قائما ، ويقال في توكيده على الأوّل كما مرّ ، وعلى الثاني : بل امرأة. قال ابن هشام : وغلط كثير من النّحويّين ، فزعموا أنّ لا العاملة عمل ليس لا تكون إلا نافية للوحدة ، ويرد عليهم نحو قوله [من الطويل] :
١٧٩ ـ تعزّ فلا شيء على الأرض باقيا |
|
... (٥) |
انتهى. فإن كانت لنفي الجنس نصّا كان عمله عمل أنّ كما سيأتي قريبا ، إن شاء الله تعالى.
الكلام على لات : «فإن لحقتها» أي لحقت لا «التاء» لتأنيث الكلمة أو للمبالغة في النفي كما في علامة أو لهما معا فصارت لات ، وحرّكت التاء لالتقاء الساكنين بالفتح
__________________
(١) اللغة : سواد القلب. حبته ، الباغي : الطالب ، المتراخي : المتواني.
(٢) من لا أرى باغيا حتى هنا سقط في «س».
(٣) البيت مجهول القائل. اللغة : أعوام جمع عام ، الجيران : جمع الجار وهو المجاور في المسكن.
(٤) هو من قصيدة لأبي الطيب المتنبّي واسمه احمد بن الحسين من شعراء العصر العباسي الثالث ، مات سنة ٣٥٤ ه. ق.
(٥) تقدم هذا البيت برقم ١٦٨.