قوله تعالى : (فَذَبَحُوها) [البقرة / ٧١] ، هذا تقرير ابن هشام في المغني ، وهو حاصل ما ذكره الرضيّ عليه من الله الرضا.
تختصّ عسى وأوشك باستغنائهما عن الخبر : هذه «تتمّة» لما ذكره من مسائل هذا الباب ، و «يختصّ عسى وأوشك» دون سائر أخواتها «باستغنائهما عن الخبر» ومثلهما إخلولق ، ولم يذكره ، لأنّه لم يذكره مع الخلف فيه ، وإنّما يستغنيان عن الخبر في ما إذا وليهما أن والفعل ، «نحو : عسى أن يقوم زيد» ، أوشك أن يذهب عمرو ، فأن وصلتها في موضع رفع بهما على الفاعلية ، ولا يحتاجان إلى خبر ، وظاهر كلام الجماعة أنّ الفعل في ذلك تامّ ، وذهب ابن مالك إلى أنّه ناقص سدّت أن وصلتها مسدّ جزئيه كما في : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) [العنكبوت / ٢] ، قال إذ لم يقل أحد : إنّ حسب خرجت في ذلك عن أصلها ، وهو ظاهر عبارة المصنّف رحمه الله.
تنبيهات : الأوّل : إنّما يتعيّن استغناء الفعلين المذكورين عن الخبر في الحالة المذكورة إذا لم يل الفعل الّذي بعد أن ظاهر يصحّ رفعه به ، نحو : عسى أن تقوم وأوشك أن تقعد ، فإن وليه ظاهر بالصفة المذكورة كمثال المصنّف لم يتعيّن ذلك ، بل جاز فيه ثلاثة أوجه أخر : أحدها والثاني : الوجهان الآتيان فيما إذا قدّمت الاسم ، «وقلت : زيد عسى أن يقوم» ، وسيأتي بيانهما ، وعلى هذا يكون مبتدأ موخّرا لا غير ، الثالث : أن يكون ما بعد الفعل الّذي بعد أن مرفوعا بعسى اسما لها ، وأن والفعل في موضع نصب على الخبريّة لعسى مقدّما على اسمها ، فتكون ناقصة ، والفعل الّذي بعد أن فاعله ضمير يعود على فاعل عسى ، وجاز عوده عليه ، وإن تأخّر لتقدّمه نيّة ، ومنع الشلوبين هذا الوجه لضعف هذه الأفعال عن توسّط الخبر ، وأجازه المبرّد والسيرافيّ والفارسيّ.
ويظهر أثر الخلاف في التأنيث والتثنية والجمع ، فتقول على مذهب غير الشلوبين : عسى أن يقوما الزيدان ، وعسى أن يقوموا الزيدون ، وعسى أن يقمن الهندات ، فتأتي بضمير في الفعل ، لأنّ الظاهر ليس مرفوعا به ، بل هو مرفوع بعسى ، وعلى رأي الشلوبين يجب أن تقول : عسى أن يقوم الزيدان ، وعسى أن يقوم الزيدون ، وعسى أن تقوم الهندات ، فلا تأتي في الفعل بضمير ، لأنّه رفع الظاهر الّذي بعده.
الثاني : يجوز أن تقدّر العاملين تنازعا زيدا في المثال المذكور ، فيحتمل الإضمار في عسى على إعمال الثاني فتكون ناقصة ، قاله ابن هشام في المغني ، وفيه نظر ، لأنّ أحد الفعلين جامد ، وسيأتي أنّ التنازع لا يكون بين جامدين ولا جامد وغيره.