الثالث : إذا قلت : عسى أن يضرب زيد عمرا ، امتنع كون زيد اسم عسى إجماعا ، لئلّا يلزم الفصل بين صلة إن ومعمولها ، وهو عمرا بالاجنبيّ وهو زيد ، ونظيره قوله : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) [الإسراء / ٧٩] ، قاله في المغني. «وإذا» قدّمت على أحد الفعلى ن المذكورين اسما ، و «قلت» في عسى مثلا : «زيد عسى أن يقوم ، فلك وجهان» : أحدهما «إعمالها» أي عسى «في ضمير زيد» ، فتكون مسندة إليه ، وهو اسمها ، فما بعدها وهو أن والفعل في موضع نصب على أنّه خبرها. فتكون ناقصة ، وهذه لغة تميم. والثاني تفريغها عنه ، أي تجرى دها عن ضمير زيد في المثال المذكور ، «فما بعدها» وهو أن والفعل «اسم» مؤوّل «مغن عن الخبر» ، فتكون مسندة إليه ، وهي حينئذ تامّة.
و «يظهر أثر ذلك» أي المذكور من الوجهين «في» حال «التأنيث والتثنية والجمع» المذكّر والمؤنّث. «فعلى» الوجه «الأوّل» وهو وجه الإضمار «تقول : هند عست أن تقوم» ، فهند مبتدأ ، وعسى فعل ماض ناقص ، واسمها ضمير مستتر فيها يعود على هند ، وأن يقوم في موضع نصب على أنّه خبر عسى ، وعسى ومعمولاها في موضع رفع على أنّه خبر المبتدإ. «والزيدان عيسا أن يقوما» ، فالزيدان مبتدأ ، وعسى فعل ماض ناقص والألف المتّصلة بها اسمها ، وأن يقوما خبرها ، وجملة عسى ومعموليها خبر المبتدأ ، «والزيدون عسوا أن يقوموا» كذلك ، والهندات عسين أن يقمن كذلك.
«وعلى» الوجه «الثاني» وهو التفريغ عن الضمير ، تقول : هند «عسى» أن تقوم ، والزيدان عسى أن يقوما ، والزيدون عسى أن يقوموا ، والهندات عسى أن يقمن ، فتقدّر عسى مفرغة عن الضمير «في» أمثلة «الجميع» ، وهي تامّة ، وأن والفعل بعدها في موضع رفع على الفاعلية بها ، وهي ومرفوعها في موضع رفع على الخبريّة للمبتدإ قبلها ، وهو الأفصح ، وبه جاء التنزيل قال عزّ من قائل : (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَ) [الحجرات / ١١].
فائدة : يجوز في عسى إذا أسندت إلى ضمير كسر سينها نحو : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) [محمد / ٢٢] ، قرأ نافع بالكسر وغيره بالفتح ، وهو المختار.
وهنا انقضى كلام المصنّف ، رحمه الله تعالى ، في النوع الأوّل من أنواع المعربات من الأسماء ، وهو ما يرد مرفوعا لا غير ، ثمّ شرع في النوع الثاني منها ، وهو ما يرد منصوبا لا غير فقال :