مجاز ، لا سبيل إلى الأوّل لعدم الوضع ولا إلى الثاني لعدم الاتّصال بينهما ، قيل : وقوع الفعل على الشيء في عرف النحاة عبارة عن التعلّق المذكور ، فيكون إرادة التعلّق من الوقوع حقيقة عرفيّة ، فلا يلزم دعوى الوضع وبيان الاتّصال ، أو يقال : الوقوع لا ينفك عن التعلّق ، فكان التعلّق لازما للوقوع ، فذكر الملزوم ، وأريد اللازم.
هذا وإنّما استغنى عن إضافة الفعل إلى الفاعل ، كما فعل ابن الحاجب لجعله الفضلة هي الجنس ، فإنّ فائدة إضافته إليه على ما ذكروه إخراج مثل زيد في ضرب زيد بالبناء للمفعول ، فإنّه لم يعتبر إسناده إلى فاعله ، ومثل ذلك خارج بالفضلة ، فإنّه عمدة ، ولو فعله أيضا لكان بسبيل ، فتكون فائدته صرف الفعل عن المعنى الاصطلاحي ، فيصفو إسناد الوقوع إليه عن التجوّز وشمول التعريف لمفعول غير الفعل عن التكلف ، فبطل قول بعضهم : إنّه لا فائدة فيه.
الأصل تأخّر المفعول عن الفعل : «والأصل» أي الراجح في المفعول الّذي ينبغي أن يكون عليه إن لم يمنع مانع «تأخّره عنه» ، أي عن الفعل وعن الفاعل أيضا بدليل ما مرّ في كلامه أنّ الأصل في الفاعل تقدّمه على المفعول ، نحو : (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) [النمل / ١٦] ، لأنّ طلب الفعل للمسند إليه الّذي لا يتمّ إلا به أشدّ من طلبه للفضلات ، ولأنّ الفاعل منشيء الفعل ، والمفعول مورده ومتعلّقه ، فالفعل ينشأ عن الفاعل ، ثمّ يصل إلى المفعول. وقد يجب هذا الأصل في مسائل :
أحدها : أن يكون الفعل مؤكّدا بالنون الثّقيلة أو الخفيفة ، فلا يقال : زيدا اضربنّ. قال الرضيّ : ولعلّ ذلك لكون تقديم المنصوب على الفعل دليلا في ظاهر الأمر على أنّ الفعل غير مهم ، وإلا لم يؤخّر عن مرتبته ، أي الصدر ، وتوكيد الفعل مؤذنا بكونه مهمّا ، فيتنافران في الظاهر ، انتهى. فإن قلت : فقد قال ابن مالك في ألفيته [من الرجز] :
٢٢٤ ـ والرفع والنصب اجعلن إعرابا |
|
... (١) |
فقدّم مفعول الفعل المؤكّد بالنّون عليه. قلت : أجيب باحتمال أن يكون الحكم المذكور مفروضا في الاختبار ، وأنّه يجوز التقديم في الضرورة.
الثانية : أن يحصل بتقديمه التباس بالمبتدإ ، نحو : موسى ضرب عيسى.
الثالثة : أن يكون الفعل تعجّبيّا ، نحو : ما أحسن زيدا ، فلا يجوز زيدا ما أحسن ، إذ لا يتصرف في معموله.
__________________
(١) تمامه «لاسم وفعل نحو لن أهابا».