صفة بأليم ، فهو منقوض به ، وكذا الحال الموكّدة لعاملها ، إذا كانت مصدرا ، فلو قال : وليس خبرا ولا حالا كما فعله ابن هشام في الأوضح لسلم من ذلك.
إعراب خلق الله السموات : تنبيه : قيل : يرد على هذا الحدّ نحو : (خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ) [الجاثية / ٢٢] ، فإنّ السموات مفعول مطلق على الصواب ، وليس بمصدر ، انتهى.
وقد يمنع الورود باحتمال ذهابه إلى ما عليه الجمهور من أنّها مفعول به لا مفعول مطلق ، والقائل بأنّها مفعول مطلق جماعة من الأئمة ، منهم الشيخ عبد القاهر الجرجانيّ وفخر الدين الرازيّ وجار الله الزمخشريّ وأبو عمرو بن الحاجب وجمال الدين بن هشام : قالوا : لأنّ المفعول به ما كان موجودا قبل الفعل الّذي عمل فيه ، ثمّ أوقع الفاعل به فعلا كضربت زيدا ، فزيدا كان موجودا قبل الضرب ، وأنت فعلت به الضرب ، والمفعول المطلق ما كان فعل الفاعل فيه هو فعل إيجاده كالسموات في : (خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ) [الجاثيه / ٢٢] ، فإنّها لم تكن موجودة ، بل عدما محضا ، والله أوجدها ، وخلّصها من لعدم ، فكانت مفعولا مطلقا لا مفعولا به.
قال ابن هشام : والّذي غرّ اكثر النّحويّين في هذه المسألة أنّهم يمثّلون المفعول المطلق بأفعال العباد ، وهم أنّما تجرى على أيديهم إنشاء الأفعال لا الذوات ، فتوهّموا أنّ المفعول المطلق لا يكون إلا حدثا ، ولو مثلّوا بأفعال الله تعالى لظهر لهم أنّها لا تختصّ بذلك ، لأنّ الله تعالى موجد للأفعال والذوات جميعا ، قال : وكذا البحث في أنشأت كتابا وعملت خيرا ، انتهى.
وأجاب الجمهور بأنّ المفعول به بالنسبة إلى فعل غير الإيجاد يقتضي أن يكون موجودا ، ثمّ أوجد الفاعل فيه شيئا آخر ، فإنّ اثبات صفة غير الوجود تستدعي ثبوت الموصوف أوّلا ، وأمّا المفعول بالنسبة إلى الإيجاد ، فلا يقتضي أن يكون موجودا ، ثمّ أوجد الفاعل فيه الوجود ، بل يقتضي أن لا يكون موجودا ، وإلا لزم تحصيل الحاصل ، وأمّا التزام كونه موجودا قبل الفعل على كلّ حال فدعوى لا دليل عليها ، نحو : ضربت ضربا ، مثال للمفعول المطلق المؤكّد لعامله ، ومثله نحو : قعدت جلوسا (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) [نوح / ١٧]. وهل العامل فيهما الفعل المذكور أو مقدّر بمعناه ولفظه؟ قولان :
الأوّل : هو قضية كلام سيبويه على ما قيل في التسهيل ، وهو مذهب المازنيّ والمبرّد والسيرافيّ ومرتضى الرضيّ عليه من الله الرضا ، ونسبه ابن يعيش إلى الأكثرين ، لأنّه لمّا