الهيئة من حيث هي هي ، والقصد إلى الهيئة من حيث هي هي يكون مع قطع النظر عن قلّتها وكثرتها ، والتثنية والجمع لا يكونان إلا مع النظر إلى كثرتها فتناقضا ، انتهى.
وأمّا العدديّ فيثنّى ويجمع باتفاق ، لأنّ العدد قد يكون اثنين فصاعدا ، وفي المصدر النوعيّ خلاف بين النّحويّين ، فمنهم من ذهب إلى جواز تثنيه وجمعه قياسا لحصول ما يكون معه التثنية والجمع ، إذ النوع المتميّز إذا انضمّ إليه نوع آخر ثبت الأمر الّذي يكون به التثنية ، وإذا انضمّ إليه نوعان فصاعدا ، حصل ما يكون به الجمع ، فيجوز أن تقول : قمت قيامي زيد وعمرو ، وقتلت قتولا كثيرة. ومنهم من منع في غير المسموع ، وهو ظاهر مذهب سيبويه واختيار الشلوبين ، والأوّل هو الأشهر.
عامل المفعول المطلق : تنبيه : عامل المفعول المطلق إمّا مصدر ، نحو : سيرك سير الحثيث (١) متعب ، أو ما اشتقّ منه من فعل ، نحو : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) [النساء / ١٢٤] ، أو وصف ، نحو : (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) [الصافات / ١] ، أو اسم مفعول ، نحو : الخبز مأكول أكلا.
وشرط الفعل التصرّف والتمام وعدم الإلغاء ، ولا يقال : ما أحسن زيدا حسنا ، ولا أحسن بزيد إحسانا. خلافا للجرميّ لعدم التصرّف فيهما ، فكانا كالجامد ، لا مصدر له ، ولا يقال : كان زيد قائما كونا ، على خلاف فيه ، ولا زيد قائم ظننت ظنّا ، جزم به في التصريح.
وشرط الوصف أن يكون دالّا على الحدوث ، فلا يجوز : زيد حسن وجهه حسنا ، ولا أقوم منك قياما ، وأمّا قوله [من البسيط] :
٢٣١ ـ أما الملوك فأنت إليوم ألأمهم |
|
لؤما وأبيضهم سربال طّباخ (٢) |
فلؤما منصوب بمحذوف ، قاله صاحب البديع (٣) ، ولا ينتصب بغير الثلاثة ، لا تقول : نزال نزولا ، ولاصه سكوتا.
إعراب أنت الرجل علما : وزعم ثعلب في نحو أنت الرجل علما ، أنّ مفعول مطلق منصوب بالرجل على تأويله بالعالم ، قال أبو حيّان وغيره : هو تمييز محوّل عن الفاعل بتأويل الرجل بالكامل ، أي أنت الكامل علمه ، وليس مفعولا مطلقا.
__________________
(١) الحثيث : السريع الجادّ في أمره.
(٢) هو لطرفة بن العبد. اللغة : السربال : القميص.
(٣) البديع في النحو للإمام أبي السعادات مبارك بن محمد المعروف بابن الأثير الجزري المتوفى سنة ٦٦٦ ه. كشف الظنون ١ / ٢٣٦.