تنبيهات : الأوّل : الشروط المذكورة معتبرة لجواز النصب لا لوجوبه وتعيّنه ، حتى أنّ المستوفي لجميعها يجوز جرّه بحرف التعليل ، سواء كان مجرّدا من أل والإضافة أم مضافا أم محلي بأل ، لكنّ الأرجح في الأوّل النصب ، وفي الثالث الجرّ ، ويستويان في الثاني ، ونقل عن أبي موسى الجزوليّ منعه في الأول قال الشلوبين : ولا أعرف في ذلك سلفا.
ناصب المفعول له : الثاني : ناصب المفعول له مفهم الحدث الّذي نصب المفعول به المصاحب في الأصل حرف جرّ ، لأنّه جواب له ، والجواب أبدا بحسب السؤال ، فإذا قلت : قمت فكان المخاطب قال مستفهما : لم قمت؟ فقلت : إجلالا لك ، أصله لإجلالك ، إلا أنّه أسقط اللام ، ونصب ، ولهذا تعاد إليه في مثل ابتغاء الثواب تصدّقت له ، لأنّ الضمائر تردّ الأشياء إلى أصولها.
هذا مذهب سيبويه والفارسيّ وجمهور البصريّين وأكثر المتأخّرين ، وخالفهم الزجّاج والكوفيّون ، فزعموا أنّه مفعول مطلق ، ولذلك لم يترجموا له استغناء بباب المصدر عنه ، ثمّ اختلفوا ، فقال الزجّاج : ناصبه فعل مقدّر من لفظه واجب الإضمار لسدّ المصدر مسدّه ، وقال الكوفيّون : ناصبه الفعل المتقدّم عليه ، لأنّه ملاق له في المعنى ، وإن خالفه في الاشتقاق ، مثل قعدت جلوسا.
إذا عرفت هذا فكان على المصنّف (ره) أن لا يعدّ المفعول له قسما برأسه ، بل أن قال بمذهب جمهور البصريّين ، وهو الصحيح ، كان عليه إدخاله في المنصوب بترع الخافض ، كما سيأتي ، وأن قال بمذهب الزجّاج والكوفيّين كان عليه إدراجه تحت المفعول المطلق كما فعله الكوفيّون.
الثالث : صريح حدّه للمفعول له أنّ نحو : قمت لأجلالك ليس مفعولا له ، لأنّه ليس بمنصوب ، وقد أخذ في الحدّ المنصوب ، ولو لم يأخذه لما اقتضاه كلامه أيضا ، لأنّه عدّ المفعول له من نوع المنصوب لا غير ، فلا يكون هذا مفعولا له ، وهو رأي القوم ، بل هو عندهم مفعول به بواسطة حرف الجرّ ، وذهب ابن الحاجب إلى أنّه مفعول له ولا مشاحة في الاصطلاح (١).
__________________
(١) لا مشاحة في الاصطلاح : لا مجادلة فيما تعارفوا عليه.