وفي كتاب «الفوائد الصمديّة» تظهر ميول الشيخ البهائي لتبنّي المذهب البصري في النحو ، وذلك بسبب اشتغاله بعلمي الرياضة والهندسة ، ولأنّ أساس المذهب البصريّ يقوم على القياس ، في حين أنّ المذهب الكوفيّ يقوم على السماع. وكأنّ الهندسة أثّرت على أسلوب البهائيّ في علم النحو ، ويظهر ذلك جليّا في التقسيمات الّتي اعتمدها في توزيع مباحث كتابه «الفوائد الصمديّة» ما جعله يختلف عن سائر النّحويّين.
قسّم العامليّ الفوائد الصمديّة إلى خمس حدائق : في الحديقة الأولى جاء بمقدّمات علم النحو ، كتعريف علم النحو والكلمة والكلام وأقسام الاسم والفعل والإعراب والبناء وأنواعها وعلائم الرفع والنصب والجرّ ومواضع تقدير الإعراب.
واختصّ الحديقة الثانية بما يتعلّق بالأسماء ، وقسّم الاسم إلى المعرب والمبنيّ ، وقسّم المعربات إلى أنواع ، الأوّل : ما يرد مرفوعا لا غير ، وهو أربعة ؛ الأوّل : الفاعل ، والثاني : نائب الفاعل ، والثالث والرابع : المبتدأ والخبر ، ثمّ جعل النواسخ في فصل ، وقال : تدخل على المبتدإ والخبر أفعال وحروف ، فتجعل المبتدأ اسما لها ، والخبر خبرا لها ، وتسمّي النواسخ ، وهي خمسة أنواع : الأوّل : الأفعال الناقصة ، والثاني : الأحرف المشبّهة بالفعل ، الثالث : ما ولا المشبهتان بليس ، الرابع : لا النافية للجنس ، الخامس : الأفعال المقاربة. والنوع الثاني ما يرد منصوبا لا غير ، وهو ثمانية : الأوّل : المفعول به ، والثاني : المفعول المطلق ، الثالث : المفعول له ، الرابع : المفعول معه ، الخامس : المفعول فيه ، السادس : المنصوب بترع الخافض ، السابع : الحال ، والثامن : التمييز.
النوع الثالث : ما يرد مجرورا لا غير وهو اثنان : الأوّل : المضاف إليه ، والثاني : المجرور بالحرف.
النوع الرابع : ما يرد منصوبا وغير منصوب ، وهو أربعة : الأوّل : المستثنى ، والثاني : المشتغل عنه العامل ، الثالث : المنادى ، الرابع : مميّز أسماء العدد. وهذا الأسلوب في تقسيم المرفوعات والمنصوبات يختلف عن أسلوب النّحويّين ولا سيّما المتأخرين.
ثمّ يشرح المبنيّات ، ويقول إنّ منها : المضمر وأسماء الإشارة والموصول والمركّب. ثمّ يدخل بحث التوابع ، وقسّمها إلى خمسة ، النعت والمعطوف بالحروف والتأكيد والبدل وعطف البيان ، وقدّم النعت على سائرها كما هو عادة أكثر النّحويّين ، لأنّ استعماله أكثر ، ولكونه أشدّ متابعة وأوفر فائدة. ثمّ يدخل مبحث الأسماء العاملة المشبهة بالأفعال ويقول : وهي خمسة : الأوّل : المصدر ، والثاني والثالث : اسم الفاعل والمفعول ، والرابع : الصفة المشبهة ، والخامس : اسم التفضيل. وفي خاتمة الحديقة الثانية يأتي بالاسم الممنوع من الصرف.