فعلى هذا كان على المصنّف جعل المفعول فيه داخلا تحت المنصوب بنزع الخافض كما قلناه في المفعول له فتأمّل. وهاهنا انتهى الكلام على المفاعيل بتمامها.
فائدة : حصر النحاة المفاعيل في هذه الخمسة ، وقال الرضيّ ، عليه من الله الرضى ، يجوز أن يجعل الحال والمستثنى داخلين في المفاعيل ، فيقال للحال مفعول مع قيد مضمونه ، إذ المجئ في جاءني زيد راكبا فعل مع قيد الركوب الّذي هو مضمون راكبا ، ويقال للمستثنى : هو المفعول بشرط إخراجه ، وكأنّهم آثروا التخفيف في التسمية ، انتهى.
قال بعض المحقّقين : ولا يبعد أن يقال : إنّ المفعول ما يتعلّق به الفعل أوّلا وبالذات ، والحال ليست كذلك ، لأنّه تعلّقه بها بواسطة أنّها مبنيّة لهيئة فاعله أو مفعوله ، وكذا المستثنى ، لأنّ تعلّقه به بواسطة أنّه مخرج عن أمر يقع معموله على سبيل الاتّفاق ، ومن ها هنا يظهر توجيه جعل النصب في المفاعيل أصلا وفي غيرها تبعا ، انتهى.
المنصوب بنزع الخافض
ص : السادس : المنصوب بنزع الخافض ، وهو الاسم الصّريح أو المؤوّل المنصوب بفعل لازم ، بتقدير حرف الجرّ وهو قياسيّ مع أن وأنّ ، نحو : (أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ) وعجبت أنّ زيدا قائم ، وسماعيّ في غير ذلك ، نحو : ذهبت الشّام.
ش : «السّادس» ممّا يرد منصوبا لا غير «المنصوب بنزع الخافض» ، ونصبه على المفعول به في الحقيقة ، لأنّ سقوط الخافض لا يقتضي النصب من حيث هو سقوط خافض ، بل من حيث إنّ العامل الّذي كان الجارّ متعلّقا به لمّا زال الجارّ من اللفظ ، ظهر أثره لزوال ما كان يعارضه ، وإذا لم يكن في الكلام ما يقتضي النصب من فعل أو شبهه لم يجز النصب ، وأكثرهم لم يفرد له بابا ، لأنّه داخل تحت المفعول به ، بل أكثرهم يسمّيه مفعولا به على إلاتساع ، ولا مشاحة في الاصطلاح.
«وهو الاسم الصريح أو المؤوّل» : وهذا كالجنس يشمل جميع الأسماء الصريحيه والمؤوّلة ، وقوله : «المنصوب» أخرج ما عدا المنصوبات ، وشملها جميعا. وقوله : «بفعل لازم» أو شبهه إذ كثيرا ما يكتفي عن ذكره بذكر الفعل بتقدير حرف جرّ أخرج جميع المنصوبات ، ما عدا المحدود وبعض أفراد المفعول له ، ممّا عامله فعل لازم على قول الجمهور ، كمّا مرّ ، وفي هذا الحدّ ما مرّ في المفعول له وفيه أيضا أنّه لا مطّرد ولا منعكس.