قال أبو البقاء : وبعضهم يقول يداها أطول ، بالرفع ، فيداها مبتدأ ، وأطول خبره ، والجملة حالية ، انتهى.
قال في التصريح : ولا تتعيّن الحالية لجواز الوصفية ، لأنّ الزرافة [معرفة] بأل الجنسية (١) ، انتهى. وفيه أنّه يشترط لوصف المعرّف بأل الجنسية بالجملة أن تكون مبدوّة بفعل ، نصّ عليه الرضيّ وغيره.
الثالثة : أن يكون مرجعها إلى السماع ، نحو : (أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً) [الأنعام / ١١٤] ، وقال ابن هشام في الأوضح : ووهم ابن الناظم ، فمثّل بمفصّلا في الآية للحال الّتي تجدّد صاحبها ، وقال في المغني : هذا سهو ، لأنّ القرآن قديم. وقال الدمامينيّ في شرحه : السهو من المصنّف ، فإنّ الإنزال يقتضي الانتقال ، والقديم لا يقبله ، انتهى.
الحال الجامدة : و «جامدة» وهي على ضربين : مؤوّلة بالمشتق وغير مؤوّلة ، فالأولى في ثلاثة مسائل :
أحدها : أن يقصد فيها التشبيه ، كقول أبي طيب [من الوافر] :
٢٥٦ ـ بدت قمرا ومالت خوط بان |
|
وفاحت عنبرا ورنت غزالا (٢) |
أي مضيئة ومعتدلا ونحو ذلك ، لأنّهم يجعلون ما اشتهر بمعنى كالوصف المفيد لذلك المعنى كقولهم : لكل فرعون موسى ، أي لكلّ جبّار قهّار ، ولك أن تجعله على حذف مضاف أي مثل قمر ومثل خوط بان كما يرشد إليه قول ألفية [من الرجز] :
٢٥٧ ـ ... |
|
وكرّ زيد أسدا أي كأسد (٣) |
أي مثل أسد ، وبه صرّح في التسهيل ، فقال : أو تقدير مضاف قبله ، قال في التصريح : وهو أصرح في الدلالة على التشبيه ، لأنّها إذا أوّلت بالمشتقّ خفي فيها الدلالة على التشبيه.
الثانية : أن تدلّ على مفاعلة ، نحو : بعته يدا بيد ، أي متقابضين ، ومعناه الحقيقيّ غير مراد ، وكلّمته فاه إلى فيّ ، أي متشافهين ، وذهب الكوفيّون إلى أنّ أصله جاعلا فاه إلى فيّ ، فهو مفعول به ، وردّه السيرافيّ بامتناع كلّمته وجهه إلى وجهي ، وعينه إلى عيني ، ولو كان على الإضمار ، لم يمتنع ، وذهب الأخفش إلى أنّ أصله كلّمته من فيه
__________________
(١) المعرّف بأل الجنسيّة نكرة معنى ، معرفة لفظا ، وتجرى عليه أحكام المعارف كصحّة الابتداء به ومجئ الحال منه. إميل بديع يعقوب ، موسوعة النحو والصرف والإعراب ، لاط ، عترت قم ، ١٤٢٥ ه ق. ص ١٣٢.
(٢) البيت لأبي الطيب المبتني (٩٢٥ ـ ٩٦٥ ه ق) من كبار شعراء العرب في العصر العباسي. اللغة : الخوط : الغصن الناعم ، البان : ضرب من الشجر ، سبط القوام ، ليّن ، ورقه كورق الصفصاف ، رنت : من رنا ـ : أدام النظر في سكون الطرف ، فاحت : انتشرت رائحته.
(٣) تمامه «كبعه مدّا بكذا يدا بيد» ألفية ابن مالك ص ٣٢.