تقول : هذا زيد مقدّرا لأنّ له الصيد غدا ، فقولهم مقدارا حال بمعنى الحال ، أي يقدّر له ، لأنّ الصيد غدا ، وعليه مسالة الكتاب : مررت برجل معه صقر صائدا به غدا. قال ابن هشام : كذا يقدّرون ، وأوضح منه أن يقال : مريدا به الصيد غدا. قال ابن هشام : كذا يقدّرون ، وأوضح منه أن يقال مريدا به الصيد غدا كما فسّروا قمتم في : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) [المائدة / ٦] بأردتم ، انتهى ، وتعقبّه ابن الصائغ (١) وأجاب عنه الشمني بما يطول إيراده.
تنبيهات : الأوّل : قال ابن هشام : الّذي يقدّر وجود معنى الحال هو صاحبها كالمرور به في المثال المذكور ، أي مقدّرا حال المرور به أن يصيد به غدا ، وبني على ذلك عدم صحّة كون جملة لا يسمّعون من قوله تعالى : (وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ لا يَسَّمَّعُونَ) [الصافات / ٧] ، قال : لأنّ الشياطين لا يقدرون عدم السّماع ، ولا يريدونه ، انتهى.
وتعقبه الدمامينيّ بأنّا لا نسلم ذلك ، ولم لا يجوز أن يقدّرها غير صاحبها ، ولو قيل : معنى المثال مررت برجل معه صقر مقدّرا به الصيد غدا على أن يكون مقدّرا اسم مفعول لصحّ ، سواء كان هو المقدّر أو غيره ، انتهى.
وأجاب الشمنيّ بأنّ الدليل على أنّ الّذي يقدّر وجود معنى الحال هو صاحبها أنّ في الحال ضميرا يعود على صاحبها ، فيجب أن يكون في مقدّرا كذلك لأنّه بمعناها فيجب أن يكون مقدّر الحال صاحبها ، انتهى.
الحال المحكية : الثاني : المشهور تقسيم الحال بحسب الزمان إلى هذين القسمين ، وهي المقارنة لعاملها ، وتسمّي المستصحبة أيضا والمقدّرة ، وأثبت جماعة منهم ابن هشام والمراديّ قسما ثالثا ، وهو الحال المحكية ، أي الماضية الّتي يتقدّم وجودها على وجود العامل ، نحو : جاء زيد أمس راكبا.
قال الدمامينيّ : ـ ونعم ما قال ـ أيّ داع إلى ارتكاب كونها محكية مع إمكان جعلها مقارنة بأنّ يكون راكبا أريد به المضيّ المقارن لزمن عامله الماضي ، انتهى.
الأصل تأخّر الحال عن صاحبها : «والأصل» أي الكثير الغالب في الحال «تأخّرها عن صاحبها» ، لأنّها بمترلة الخبر ، والأصل تأخّره كما مرّ ، «ويجب» هذا الأصل «إن
__________________
(١) ابن الصائغ هو محمد شمس الدين بن عبد الرحمن. لازم أبا حيان فمهر في العربية من مصنّفاته ، شرح الألفية ، والتذكرة ، توفي بالقاهرة سنة ٧٧٦ ه ق. نشأة النحو ص ١٦٧.