مفردا حالان مفضّلتان ، والعامل في بسرا ورطبا أفعل التفضيل ، وهو أطيب وفي مفردا ومعانا أنفع.
هذا هو المختار وإليه ذهب المازنيّ وابن كيسان والفارسيّ في تذكرته (١) وابنا جنيّ وخروف ، ونسبه ابن مالك إلى سيبويه ، وذهب الزجاج والمبرّد والسيرافيّ والفارسيّ في حلبياته (٢) إلى أنّهما منصوبان على إضمار كان تامّة صلة لإذا في المستقبل ولإذ في الماضي ، وجوّز بعض المغارب أن تكون كان ناقصة فيكون بسرا ورطبا خبرين لا حإلى ن ، واستدلّ بالتعريف نحو : زيد المحسن أحسن منه المسيء ، ويحتاج إلى السماع.
تنبيه : قد يفعل ذلك في مفهم التشبيه فيعمل في حالين متقدّمة عليه ومتأخّرة عنه ، كقوله [من المتقارب] :
٢٦٥ ـ تعيّرنا أنّنا عالة |
|
ونحن صعإليك أنتم ملوكا (٣) |
أي تعيّرنا أنّنا فقراء ، ونحن في حال صعلكتنا مثلكم في حال ملككم ، فحذف مثلا ، وأقام المضاف إليه مقامه مضمّنا معناه لما فيه من معنى التشبيه. قال ابن هشام وهذا الإعراب أجود ما قيل في البيت.
لا تجئ الحال من المضاف إليه إلا بشروط : «ولا تجيء الحال من المضاف إليه» في حال من الأحوال «إلا إذا صحّ» أي «قيام» المضاف إليه عند «مقام المضاف» عند حذفه ، نحو قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) [آل عمران / ٩٥] ، فحنيفا حال من المضاف إليه ، وهو إبراهيم ، وجاءت منه لصحّة قيامة مقام المضاف ، وهو الملّة ، فإنّه لو قيل في غير القرآن اتّبع إبراهيم لكان صحيحا.
«أو كان المضاف بعضه» أي بعض المضاف إليه ، «نحو : أعجبني وجه هند راكبة» ، فراكبة حال من المضاف إليه ، وهو هند ، إذ المضاف وهو الوجه بعض هند ، ومثله قوله تعالى : (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً) [الحجرات / ١٢] ، (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً) [الحجر / ٤٧] ، فكلّ من ميتا وإخوانا حال من المضاف إليه ، وهو الأخ والضمير والمضاف إلى كلّ منهما بعضه ، ولا خفاء في أنّ اشتراط صحّة قيام المضاف إليه مقام المضاف يغني عن هذا الشرط ، فإنّه لو قيل : أعجبتني هند راكبة ، و
__________________
(١) تذكره أبي على الحسن بن أحمد الفارسيّ النحويّ المتوفى سنة ٣٧٧ ه ق ، وهو كبير في مجلّدات لخصّه أبو الفتح عثمان بن جني النحوي. كشف الظنون ١ / ٣٨٤.
(٢) الحلبيات في النحو لأبي على الفارسي النحوي ، المصدر السابق ١ / ٦٨٨.
(٣) لم يسم قائله. اللغة : عالة : فقراء. نحن أنتم مبتدا وخبر صعاليك ملوكا حالان والمعنى : نحن في صعلكتنا مثلكم في ملككم.