التمييز
ص : الثامن : التمييز وهو النكرة الرافعة للابهام المستقرّ عن ذات أو نسبة ، ويفترق عن الحال بأغلبيّة جموده ، وعدم مجيئة جملة وعدم جواز تقدّمه على عامله على الأصحّ. فان كان مشتقّا احتمل الحال. فالأوّل عن مقدار غالبا ، والخفض قليل ، وعن غيره قليلا ، والخفض كثير.
والثاني : عن نسبة في جملة أو نحوها ، أو إضافة ، نحو : رطل زيتا ، وخاتم فضّة ، (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً ،) ولله درّه فارسا ، والنّاصب لمبيّن الذات هي ولمبيّن النسبة هو المسند ، من فعل أو شبهه.
ش : «الثامن» ممّا يرد منصوبا لا غير «التمييز» ، ويقال له التفسير والتبيين والممّيز والمفسّر والمبيّن ، وهو لغة فصل شيء عن شيء ، قال تعالى : (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) [يس / ٥٩] ، أي انفصلوا. «و» اصطلاحا «هو النكرة» أي الاسم النكرة ، ولا ترد الجملة ، وإن اشتهر أنّها نكرة ، فقد قال الرضيّ : الجملة ليست لا نكرة ولا معرفة ، لأنّ التعريف والتنكير من عوارض الذات ، إذ التعريف جعل الذات مشارا بها إلى خارج اشارة وضعيّة ، والتنكير أن لا يشار بها إلى خارج في الوضع ، وإذا لم تكن الجملة ذاتا فكيف يعرضان لها ، انتهى.
فالنكرة كالجنس يدخل فيها الحال وغيرها ، ويخرج عنها المعرفة المنصوبة على التشبيه بالمفعول ، نحو : زيد حسن وجهه ، فإنّ فيه ما في حسن وجها إلا التنكير ، وأمّا نحو قولهم : ما فعلت الخمسة عشر الدرهم وقوله [من الطويل] :
٢٦٦ ـ رأيتك لمّا أن عرفت وجوهنا |
|
صددت وطبت النّفس يا قيس عن عمرو (١) |
وقوله [من الوافر] :
٢٦٧ ـ له داع بمكّة مشمعلّ |
|
وآخر فوق دارته ينادي |
إلى ردح من الشّيزي ملاء |
|
لباب البرّ يلبك بالشهاد (٢) |
فمحمول على زيادة أل ، كما زادها من قال [من الرجز] :
٢٦٨ ـ باعد أمّ العمر من أسيرها |
|
... (٣) |
__________________
(١) البيت لرشيد بن شهاب إليشكري ، اللغة : صددت : أعرضت ونأيت ، طبت النفس : يريد إنّك رضيت.
(٢) البيتان لأمية بن أبي الصلت. اللغة : المشمعل : الوصف من اشمعلّ بمعنى السريع الماضي ، الردح : جمع الرادح بمعنى عظيم وضخيم ، الشيزي : الشيز : خشب أسود تعمل منه الأمشاط والجفان ، اللباب : خالص من كلّ شيء ، يلبك : من ألبك أي : أفحش في كلامه أو اخطأ في منطقه.
(٣) تمامه : حرّاس أبواب على قصورها. وتقدم برقم ٣٧.