دراهم ، ولا مخلص عن هذه الأشياء ، إلا بإخراجها بما يخرج التوابع عن الحدود ، وذكره عصام الدين في شرح الكافية.
وجوه افتراق التمييز عن الحال : «ويفترق التمييز» عن الحال بأوجه سبعة كما في المغني :
أحدها : أغلبية جموده ، أي جمود التمييز بخلاف الحال ، فإنّ الأغلب اشتقاقها كما تقدّم ، وقد يتعاكسان ، فتقع الحال جامدة ، نحو : هذا مالك ذهبا ، والتمييز مشتقا ، نحو : لله درّه فارسا. وتصحّف على بعض المعاصرين من طلبة العجم الجمود بالوجود ، فقال ما معناه شارحا التمييز أكثر وجودا بالنسبة إلى الحال ، وهو غلط فاحش ، فاحذره.
والثاني : عدم جواز مجيئه جملة بخلاف الحال ، فإنّها تجئ جملة بكثرة نحو : جاء زيد يضحك ، وظرفا نحو : رأيت الهلال بين السحاب ، ومجرورا ، نحو : (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) [القصص / ٧٩] ، والتمييز لا يكون إلا اسما غير ظرف ، وهذا يستفاد من قوله في التعريف النكرة. فإنّ النكرة ضرب من الاسم ، وإن أطلق على الجملة أنّها نكرة فليس حقيقة ، ولو سلم ، فالتنكير من أوصاف المفردات بالإصالة.
والثالث : عدم جواز تقدّمه على عامله مطلقا بخلاف الحال كما مرّ ، سواء كان اسما نحو : عندي رطل زيتا أو فعلا جامدا ، نحو : ما أحسنه رجلا أو متصرّفا تمييزه غير منقول ، نحو : كفي زيد رجلا بإجماع. في هذه الثلاثة كما نقله ابن مالك ، فلا يقال : عندي زيتا رطل ونحوه ، أو متصرّفا تمييزه منقول ، نحو : طاب زيد نفسا ، فلا يجوز نفسا طاب زيد على الأصحّ وفاقا لسيبويه والفرّاء وأكثر البصريّين ومتأخّري المغاربة ، وذلك لأنّ التمييز في هذه الصورة فاعل في الأصل.
وقد نقل الإسناد عنه إلى غيره لقصد المبالغة ، فلا يغيّر عمّا كان يستحقّة من وجوب التأخير لما فيه من الإخلال بالأصل. وقيل : لأنّ التمييز كالنعت في الإيضاح ، والنعت لا يتقدّم على عامله ، فكذلك ما أشبهه ، قاله الفارسيّ ، واستحسنه ابن خروف ، وصحّح ابن مالك وأبو حيّان جوازه قياسا على غيره من الفضلات المنصوبة بفعل متصرّف ولكثرة السماع فيه ، قال [من الطويل] :
٢٦٩ ـ أتهجر ليلي بالفراق حبيبها |
|
وما كان نفسا بالفراق تطيب (١) |
وقال الآخر [من البسيط] :
__________________
(١) ينسب هذا البيت للمخبل السعدى ، وقيل : هو لأعشي همدان ، وقيل : هو لقيس بن الملوح العامري.