قائمة الکتاب
وجوه افتراق التمييز عن الحال
٣٢٧
البحث
البحث في الحدائق النديّة في شرح الفوائد الصمديّة
إعدادات
الحدائق النديّة في شرح الفوائد الصمديّة

الحدائق النديّة في شرح الفوائد الصمديّة
تحمیل
دراهم ، ولا مخلص عن هذه الأشياء ، إلا بإخراجها بما يخرج التوابع عن الحدود ، وذكره عصام الدين في شرح الكافية.
وجوه افتراق التمييز عن الحال : «ويفترق التمييز» عن الحال بأوجه سبعة كما في المغني :
أحدها : أغلبية جموده ، أي جمود التمييز بخلاف الحال ، فإنّ الأغلب اشتقاقها كما تقدّم ، وقد يتعاكسان ، فتقع الحال جامدة ، نحو : هذا مالك ذهبا ، والتمييز مشتقا ، نحو : لله درّه فارسا. وتصحّف على بعض المعاصرين من طلبة العجم الجمود بالوجود ، فقال ما معناه شارحا التمييز أكثر وجودا بالنسبة إلى الحال ، وهو غلط فاحش ، فاحذره.
والثاني : عدم جواز مجيئه جملة بخلاف الحال ، فإنّها تجئ جملة بكثرة نحو : جاء زيد يضحك ، وظرفا نحو : رأيت الهلال بين السحاب ، ومجرورا ، نحو : (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) [القصص / ٧٩] ، والتمييز لا يكون إلا اسما غير ظرف ، وهذا يستفاد من قوله في التعريف النكرة. فإنّ النكرة ضرب من الاسم ، وإن أطلق على الجملة أنّها نكرة فليس حقيقة ، ولو سلم ، فالتنكير من أوصاف المفردات بالإصالة.
والثالث : عدم جواز تقدّمه على عامله مطلقا بخلاف الحال كما مرّ ، سواء كان اسما نحو : عندي رطل زيتا أو فعلا جامدا ، نحو : ما أحسنه رجلا أو متصرّفا تمييزه غير منقول ، نحو : كفي زيد رجلا بإجماع. في هذه الثلاثة كما نقله ابن مالك ، فلا يقال : عندي زيتا رطل ونحوه ، أو متصرّفا تمييزه منقول ، نحو : طاب زيد نفسا ، فلا يجوز نفسا طاب زيد على الأصحّ وفاقا لسيبويه والفرّاء وأكثر البصريّين ومتأخّري المغاربة ، وذلك لأنّ التمييز في هذه الصورة فاعل في الأصل.
وقد نقل الإسناد عنه إلى غيره لقصد المبالغة ، فلا يغيّر عمّا كان يستحقّة من وجوب التأخير لما فيه من الإخلال بالأصل. وقيل : لأنّ التمييز كالنعت في الإيضاح ، والنعت لا يتقدّم على عامله ، فكذلك ما أشبهه ، قاله الفارسيّ ، واستحسنه ابن خروف ، وصحّح ابن مالك وأبو حيّان جوازه قياسا على غيره من الفضلات المنصوبة بفعل متصرّف ولكثرة السماع فيه ، قال [من الطويل] :
٢٦٩ ـ أتهجر ليلي بالفراق حبيبها |
|
وما كان نفسا بالفراق تطيب (١) |
وقال الآخر [من البسيط] :
__________________
(١) ينسب هذا البيت للمخبل السعدى ، وقيل : هو لأعشي همدان ، وقيل : هو لقيس بن الملوح العامري.