٢٧٠ ـ ضيّعت حزمي في إبعادي الأملا |
|
وما ارعويت وشيبا رأسي اشتعلا (١) |
وقال الآخر [من الطويل] :
٢٧١ ـ ولست إذا ذرعا أضيق بضارع |
|
ولا يائس عند التعّسّر من يسر (٢) |
وقال الآخر [من المتقارب] :
٢٧٢ ـ أنفسا تطيب بنيل المني |
|
وداعي المنون ينادي جهارا (٣) |
وللمجيز من الشواهد غير ذلك.
والحق أنّ تأويل كلّ ذلك تكلّف ، كيف وهم يبنون الحكم على أقلّ من ذلك ، لكن لو قيل بجوازه في الشعر فقط لوروده فيه حسب كان انصافا.
تنبيهان : الأوّل : إذا كان العامل وصفا فقياس من أجاز التقديم في الفعل أن يجيزه مع الوصف إلا مع اسم التفضيل. الثاني : اتّفق الجميع على جواز تقديم التمييز على المميّز إذا كان العامل متقدّما ، نحو : طاب نفسا زيد ، قاله ابن الضائع ، وهذا يردّ قول الفارسيّ أنّ التمييز كالنعت لأنّ النعت لا يتقدّم على المنعوت قاله ابن عصفور.
الرابع : عدم توقّف معنى الكلام عليه بخلاف الحال ، فإنّه قد يتوقّف معنى الكلام عليها ، كقوله تعالى : (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) [الإسراء / ٣٧] ، (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) [النساء / ٤٣] وقوله [من الخفيف] :
٢٧٣ ـ إنّما الميّت من يعيش كئيبا |
|
كاسفا باله قليل الرّجاء (٤) |
الخامس : عدم جواز تعدّده بخلاف الحال ، فإنّها تتعدّد كقوله [من الطويل] :
٢٧٤ ـ على إذا ما زرت ليلى بخفية |
|
زيارة بيت الله رجلان حافيا (٥) |
وأما قوله [من الطويل] :
٢٧٥ ـ ... |
|
تبارك رحمانا رحيما وموئلا (٦) |
فالصواب أنّ رحمانا منصوب بإضمار أخصّ أو أمدح ورحيما حال منه لا نعت ، والقول بأنّهما تمييزان خطأ.
السادس : كونه مبيّنا للذات ، والحال مبيّنة للهيئة ، كما عرفت.
__________________
(١) البيت من الشواهد الّتي لا يعلم قائلها. اللغة : الحزم : ضبط الرجل أمره ، وأخذه بالثقة : ارعويت : رجعت إلى ما ينبغي لي ، والارعواء : الرجوع الحسن.
(٢) لم يسمّ قائله.
(٣) هو لرجل من طيّئ. اللغة : المنون : الموت ، جهارا : علانا.
(٤) البيت لعدي بن الرعلاء. اللغة : كئيبا : حزينا ، كاسفا باله : أراد به المتغير الحال.
(٥) البيت للمجنون. اللغة : الخفية : مصدر خفي ـ بمعنى الاستتار ، الرجلان : الراجل.
(٦) تمامه «بدأت باسم الله في النظم أوّلا» ، وهو مطلع القصيدة الشاطبيّة في القراءات السبع للشاطبي. اللغة : الموئل : الملجأ والملاذ.