[هود / ١٠٧] ، (مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ) [البقرة / ٩١] ، وردّ بعدم اطّرادها إذ لا يسوغ في الصفة المشبهة. ونقل الشاطبيّ القول بالتقدير فيها عن ابن جنيّ وعن الشلوبين ، وإنّه لا بدّ منه وإنّ ظاهر كلام النحاة متأوّل.
قد يكتسب المضاف التذكير والتأنيث من المضاف إليه : «وقد يكتسب المضاف المذكّر من المضاف إليه المؤنّث تأنيثه وبالعكس» أي يكتسب المضاف المؤنّث من المضاف إليه المذكّر تذكيره ، وليس ذلك في الصورتين مطلقا بل «بشرط الاستغناء عنه» أي عن المضاف عند سقوطه «بالمضاف إليه» مع صحّة المعنى في الجملة كقوله ، وهو الأعشي ، [من الطويل] :
٣٠٦ ـ وتشرق بالقول الّذي قد أذعته |
|
كما شرقت صدر القناة من الدّم (١) |
فأنّث شرقت مع أنّه مسند إلى مذكّر وهو صدر ، لأنّه اكتسب التأنيث من القناة ، وقبل هذا البيت :
٣٠٧ ـ فلو كنت في جبّ ثمانين قامة |
|
ورقّيت أسباب السماء بسلّم |
ليستدرجنك القول حتى تهرّه |
|
وتعلم أنّي عنكم غير مقحم |
الجبّ : البئر الّتي لم تطو وأسباب السماء : أبوابها ، والسّلّم : المرقاة. قيل : سمّي سلما ، لأنّه يسلّمك إلى المرتقى إليه ، وتهرّه : تكرهه وتبغضه ، وأقحمت فلانا أي لم يطق أن يجيبني ، يقول : لو كنت مثلا في جبّ بعيد القعر أو صعدت إلى السماء لم تتخلّص منّي ، واستصعدك من الجبّ ، وأستترلك من السماء بالقول الّذي يستدرجك حتى تكرهه ، وتعلم أني لست مقحما عن جوابك ولا عاجزا عن وصولي إلى الغرض منك.
قال الجار البرديّ (٢) : والواو من قوله : ورقّيت بمعنى أو ، لأنّه على وزن قوله تعالى : (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ) [الأنعام / ٣٥] ، ويقال شرق بريقه أي غصّ به كما يقال : غصصت باللقمة ، وأذعته : أفشيته ، يخاطب رجلا مذياعا لا يكتم ما يسمعه ، والمعنى أنّك تشرق بالقول الّذي أفشيته ، وأظهرته للناس ، كما أنّ القناة تشرق بالدم ، ولا تشربه ، فاستعمال الشرق في صدر القناة استعارة من
__________________
(١) اللغة : أذغته : مخاطب من الإذاعة بمعنى الإفشاء. وأراد بالقول الّذي أذاعه هجاؤه إيّاه ، وصدر القناة : من وسطها إلى مستدقها ، والقناة : الرمح.
(٢) أحمد بن الحسن الجاربرديّ الشيخ فخر الدين ، كان فاضلا ديّنا خيرا وقورا مواظبا على العلم. وصنّف شرح منهاجه ، شرح الشافية لابن الحاجب ، شرح الكشاف ومات سنة ٧٤٦ ه ق. بغية الوعاه ١ / ٣٠٣.