وقد نوقش في كلا الجوابين بما لا نطول بذكره ، وقد بقي فضل الكلام في لا سيما ، طويناه هنا على غرّة ، ولعلّنا نلمّ به في بحث الاستثناء ، إن شاء الله تعالى.
طرف من ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام : «علي» بدل من قوله : «ابن عمه» أو عطف بيان ، ويحتمل الأوجه الثلاثة المذكورة في الإعراب ، وإن لم يساعد رسم الخط النصب ، وهو أمير المؤمنين أبو الحسن علي بن أبي طالب عبد مناف بن عبد المطّلب ، واسمه شيبة الحمد ، وعنده يجتمع نسبه بنسب النبيّ (ص) ، فهو ابن عمه ، لأنّ أبا طالب أخو عبد الله بن المطّلب ، وهو ابن هاشم ، واسمه عمرو بن عبد مناف ، واسمه المغيرة بن قصيّ ، واسمه زيد بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لوي بن غالب بن فهر بن كنانة ، وأمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف ، وهى أوّل هاشميّة ولدت هاشميّا.
أقوال حول ولادة علي (ع): قال ابن الصّبّاغ المالكىّ (١) : ولد علي (ع) بمكّة المشرّفة داخل البيت الحرام فى يوم الجمعة الثالث عشر من شهر الله الأصمّ (٢) رجب الفرد الحرام سنة ثلاثين من عام الفيل قبل الهجرة بثلاث وعشرين سنة ، وقيل بخمس وعشرين ، وقبل المبعث باثنتي عشرة سنة ، وقيل : بعشر سنين ، ولم يولد في البيت الحرام قبلة أحد سواه ، وهي فضيلة خصّه الله تعالى بها إجلالا له وإعلاما لمرتبته وإظهارا لتكرّمه ، وكان (ع) هاشميّا من هاشميين ، فأوّل من ولده هاشم مرّتين (٣) ، انتهى.
حكى ابو عمر والزّاهد (٤) في كتاب اليواقيت ، قال قال ابن الأعرابي (٥) : كانت فاطمة بنت اسد أمّ علي (ع) حاملا بعلي (ع) وأبو طالب غائب ، فوضعته ، فسمّته أسدا لتحيى به ذكر أبيها ، فلما قدم أبو طالب ، فسمّاه عليّا ، انتهى. وفى ذلك يقول أبو طالب [من البسيط] : ب
٣ ـ سمّيته بعليّ كى يدوم له |
|
عزّ العلوّ وفخر العزّ أدومه |
__________________
(١) لم أجد ترجمة حياته.
(٢) سمّي شهر رجب بالشهر الأصم ، أو شهر الله الأصم ، لعدم سماع السلاح فيه للحرب. ابن منظور ، لسان العرب ، ج ١ ، الطبعة الأولى ، بيروت ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، ٢٠٠٥ م ، ص ٢٢٤٠.
(٣) أي أبوه وأمّه من هاشميّين.
(٤) محمد بن عبد الواحد أبو عمر الزاهد المطّرز اللغويّ ، له من التصانيف : إليواقيت في اللغة ، شرح الفصيح الموشح و... مات سنة ٣٤٥ ببغداد. بغية الوعاة ، ١ / ١٦٤.
(٥) محمد بن زياد المعروف بابن الأعرابي علامة باللغة من أهل الكوفة ، له كتاب النوادر ومعاني الشعر. الأعلام للزركلي ، ٦ / ٣٦٦.