إلى أنّ الفعل باق على تعديته ، ولم ينقل ، وأنّ اللام ليست لتعدية ، وإنّما هي مقوّية للعامل لما ضعف باستعماله في التعجّب ، وهذا الخلاف مبنيّ على أنّ فعل التعجّب إذا صيغ من متعدّ هل يبقي على تعديته أو لا؟ ذهب الكوفيّون إلى الأوّل والبصريّون إلى الثاني ، انتهى.
التاسع عشر : التوكيد ، وهي اللام الزائدة ، وهي أنواع : فمنها المعترضة بين الفعل المتعدّي ومفعوله ، كقوله [من الكامل] :
٣٥٥ ـ وملكت ما بين العراق ويثرب |
|
ملكا أجار لمسلم ومعاهد (١) |
ومنها اللام المسمّاة بالمقحمة ، وهي المعترضة بين المتضايفين كقولهم : يا بؤس للحرب ، والأصل يا بؤس الحرب ، فأقحمت اللام تقوية للاختصاص ، وهل انجرار ما بعدها بها أو بالمضاف؟ قولان أرحجهما الثاني (٢) ، لأنّ من شأن المضاف أن يجرّ المضاف إليه ، وإلا فلا إضافة ، ومنها اللام المسمّاة بلام التقوية ، وهي المزيدة لتقوية عامل ضعيف إما بتأخّر ، نحو : (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) [يوسف / ٤٣] ، أو لكونه فرعا في العمل ، نحو : (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) [البروج / ١٦] ، (نَزَّاعَةً لِلشَّوى) [المعارج / ١٦] ، ونحو : ضربي لزيد حسن ، وأنا ضارب لعمرو ، وقد اجتمع التأخير والفرعية في نحو : (وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ) [الأنبياء / ٧٨] ، ومنها لام المستغاث عند المبرّد ، واختاره ابن خروف ، وسيأتي الكلام عليها.
العشرون : التبيين ، وهي على ثلاثة أقسام كما في المغني :
أحدها : ما يبيّن المفعول من الفاعل ، وهذه تتعلّق بمذكور ، وضابطها أن تقع بعد فعل تعجّب أو اسم تفضيل مفهمين حبّا أو بغضا ، تقول : ما أحبّني وما أبغصني ، فإن قلت لفلان فأنت فاعل الحبّ والبغض ، وهو مفعولها ، وإن قلت : إلى فلان فالأمر بالعكس.
قال ابن بابشاذ في شرح الجمل (٣) : ولم أعلم أنّ أحدا من أصحابنا شرح هذا ، وبيّن العلّة فيه الّتي لأجلها اختصّت اللام بالفاعل وإلى بالمفعول ، والقول عندي في ذلك : إنّ اللام لمّا كانت في باب الاستخبار والإخبار تختصّ بالفاعل في المعنى من نحو قولك : لمن
__________________
(١) هو لابن ميّادة واسمه الرماح بن البرد بن ثوبان. اللغة : أجاز : أنقذ وأعاذ ، المعاهد : الّذي أخذ منه العهد للاسلام من أهل الذمة وغيره.
(٢) في رأي ابن هشام أرجحهما الاول ، لأنّ اللام أقرب ، ولأن الجار لا يعلق ، مغني اللبيب ص ٢٨٧.
(٣) الجمل في النحو للزجاجي ، له شروح منها شرح طاهر ابن أحمد المعروف بابن بابشاذ النحويّ المتوفى سنة ٢٥٤. كشف الظنون ١ / ٦٠٣.