هذا الفعل ، فتقول مجيبا : هو لفلان ، فتأتي باللام ، وليس كذلك إلى ، لأنهّا تدخل في باب الاستخبار والاخبار لمعنى أيضا ، نحو قولك : إلى من يصل هذا الفعل؟ فتقول : إلى فلان.
فإن قيل : ولم كانت اللام في أصلها للفاعل وإلى في أصلها للمفعول؟ قيل؟ إنّ اللام معناها في الأصل الملك والاستحقاق ، والملك والاستحقاق للفاعلين الّذين ملكوا واستحقّوا الاشياء ، وإلى معناها انتهاء الغاية ، والغاية منتهي لفعلك ، فلذلك اختصّ بما ذكرناه ، انتهى.
الثاني والثالث : ما يبيّن مفعوليّة غير ملتبسة بفاعلية ، وما يبيّن فاعلية غير ملتبسة بمفعوليّة ، ومصحوب كلّ منهما إمّا غير معلوم ممّا قبلها ، أو معلوم ، ولكن استوقف بيانه تقوية للبيان وتوكيدا له ، واللام في ذلك كلّه متعلّقة بمحذوف. مثال المبيّنة للمفعول : سقيا لزيد وجدعا له ، التقدير إرادتي لزيد ، ومثال المبيّنة للفاعلية تبا لزيد وسحقا له ، فإنّهما في معنى خسرو هلك.
تنبيه : ممّا يجرّ الظاهر والمضمر من حروف الجرّ الثلاثة الأتيه ذكرها في باب الاستثناء ، وهي عدا وخلا وحاشا.
الحروف الّتي تجرّ الظاهر : «وسبعة منها تجرّ الظاهر فقط ، وهي مذ ومنذ» بضمّ الميم فيها وثبوت النون ساكنة بعد الميم في الثانية ، وكسرها لغة بني سليم (١) ، وقال أبو حيّان : حكى اللحيانيّ (٢) في نوادره كسر منذ عن بني سليم ، وكسر مذ عن عكل (٣). انتهى.
قالوا : ومنذ بثبات النون أصل لمذ بدليل رجوعهم إلى ضمّ ذال مذ عند ملاقات ساكن ، نحو : مذ اليوم ، ولو لا أنّ الأصل الضمّ لكسر ، ولأنّ بعضهم يقول : مذ زمن طويل ، فيضمّ مع عدم الساكن. وقال ابن ملكون (٤) : هما أصلان ، لأنّه لا يتصرّف في الحرف ولا شبهه ، ويردّه تخفيفهم إن وكأن ولكن ورب وقط. وقال المالقيّ (٥) : إذا كانت مذ اسما فأصلها منذ ، أو حرفا فهي أصل ، قاله في المغني.
__________________
(١) من قبائل عرب الشمال أو العدنانيين.
(٢) على بن المبارك أبو الحسن اللحياني أخذ عن الكسائي والأصمعي وله النوادر المشهورة. بغية الوعاة ٢ / ١٨٥.
(٣) قبيلة من الرّباب.
(٤) أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الأشبيليّ نحويّ بارع ، روى عنه ابن خروف والشلوبين ، له شرح الحماسه ، وشرح جمل الزجاجيّ ، مات سنة ٥٨٤ ه ق. المصدر السابق ١ / ٤٣١.
(٥) يحيي بن على بن احمد بن محمد بن غالب أبو زكريا المالقي النحويّ الاديب (٥٧٨ ـ ٦٤٠ ه ق) له شعر جيدّ. المصدر السابق ٢ / ٣٣٧.