«والّذى نصبه» ، أى رفعه ، وأقامه «علما للإسلام» العلم بالتحريك ما ينصب فى الطريق ، ليهتدي به ، وفيه استعارة مرشّحة ، شبّهه (ع) بالعلم وقرنها بما يلائم المستعار منه ، وهو النّصب.
معنى الإسلام وحكاية كسر الأصنام الّتى كانت على البيت الشريف : والإسلام عبارة عن الإقرار باللّسان ، وقيل : الإقرار باللّسان ، والتّصديق بالجنان ، والعمل بالأركان (١) ، فيكون مرادفا للإيمان ، وهو في الأصل الانقياد والاتّباع ، ولا يطلق على غير هذا الدين الشريف.
«ورفعه لكسر الأصنام» ، جمع صنم بالتّحريك ، وهو ما اتّخذ من دون الله تعالى كالوثن ، ويقال إنّه معرب الشمن ، يشير إلى كسره الصنم الّذى كان على البيت ، لمّا رفعه النبيّ (ص) على منكبيه ، وإنّما عبّر عنه (٢) بالجمع إشارة إلى عظمه ، لأنّه كان أكبر أصنامهم. فكأنّه كان عندهم بمترلة أصنام كثيرة ، وحكاية كسره الصنم المذكور ما ذكره في الرياض النضرة (٣) ، قال : روي عن علىّ (ع) أنّه قال : حين أتينا الكعبة ، قال لى رسول الله (ص) اجلس ، فجلست إلى جنب الكعبة ، فصعد على منكبي ، فذهبت لأنهض به ، فرأى منّى ضعفا تحته ، فقال لى : اجلس فجلست ، فترل عنّى ، وجلس لى رسول الله (ص) وقال : اصعد على منكبى فصعدت على منكبيه ، فنهض بى ، فإنّه تخيّل لي أنّي لو شئت لنلت أفق السماء ، حتّى صعدت البيت.
وفي شواهد النبوّة سأل رسول الله (ص) عليا (ع) حين صعد على منكبيه ، كيف تراك؟ قال عليّ (ع) أراني كأنّ الحجب (٤) قد ارتفعت ، ويخيّل لي أنّي لو شئت لنلت أفق السماء. فقال رسول الله (ص) : طوبى لك ، تعمل للحقّ ، وطوبى لي أن أحمل للحقّ ، انتهى.
قال فصعدت البيت ، وكان عليه تمثال من صفر أو نحاس ، وهو أكبر أصنامهم ، وتنحّى رسول الله (ص) وقال لى : ألق صنمهم الأكبر ، وكان موتّدا على البيت بأوتاد
__________________
(١) التصديق والعمل بالأركان «س».
(٢) الضمير يعود إلى الصنم.
(٣) الرياض النضرة في فضائل العشرة ـ لمحبّ الدين أبى جعفر أحمد بن محمد الطبرى المتوفّى سنة ٦٩٤ ه ، ذكر أنّه جمع ما روي فيهم في مجلة بحذف الأسانيد من كتب عديدة وشرح غريب الحديث. كشف الظنون ، ١ / ٩٣٦.
(٤) الحجب : جمع الحجاب بمعني الساتر.