إلا زيدا ، مشيرا بالقوم إلى جماعة خإلى ة عن زيد ، أو لم يكن ، نحو : جاءني القوم إلا حمارا ، فتبيّن أنّ المتّصل ليس هو المستثنى من الجنس كما ظنّ بعضهم.
الخامس : حرّك بعض المتأخّرين هنا بحثا فقال : هلّا كان الاستثناء كلّه متّصلا ، ولكن تارة يكون المخرج منه مذكورا ، وتارة يكون مقدّرا ، فيكون الأصل في نحو ما فيها أحد إلا حمارا ، ما فيها أحد ولا ما يتبعه إلا حمارا ، وما يتبعه يشمل الإبل والبقر والغنم وغير ذلك ، فاستغني الحمار منه ، ودلّ على هذا المحذوف استثناء الحمار ، كما دلّ على تقدير أحد في الاستثناء المفرّغ ، ما جاءني إلا زيد إخراج زيد ، وعلى تقدير حال من الأحوال فيما جائني زيد إلا راكبا ، وكذا القول في البواقي.
ويكون الفرق بين هذا الّذي يسمّونه منقطعا ، والاستثناء المفرّغ اشتغال العامل بمطلوبه في نحو : ما جاءني إلا حمارا ، أو عدم اشتغاله في ما جاءني إلا زيد ، وأجاب هذا الباحث بأنّ ذلك إذا سلم لم يخرج عن الانقطاع باعتبار الظاهر ، وإن كان متّصلا باعتبار التقدير ، فإذا صحّ له الاسمان بالاعتبارين المختلفين فلا بأس بقصره على أحدهما لقصد التمييز بينه وبين نوع آخر يخالفه في طريقته ، وهو المتّصل لفظا ، انتهى.
إعراب المستثنى المفرّغ : «فالمستثنى بإلا إن لم يذكر معه المستثنى منه» لفظا بل نوي ويسمّى الكلام حينئذ ناقصا ، «أعرب بحسب» اقتضاء «العوامل» من رفع ونصب وجرّ لقيامه مقام المستثنى منه ، لكن لا إصالة ، إذ العوامل في التحقيق عاملة في ذلك المقدّر ، ولكن لمّا حذف ، وقام المستثنى مقامه عمل فيه لا بطريق الإصالة لصحّة ما قام إلا هند ، وقيل : بطريق الإصالة والصحّة للفصل بإلا ، وفيه نظر ، إذ الفصل أنّما يكون مسوّغا لترك التاء في الجملة لا مقتضيا لتركها وجوبا أو اختيارا وما قام إلا هند ، يجب فيه ترك التاء عند قوم ، ويختار عند آخرين ، وهو الحقّ بدليل قوله [من الرجز] :
٣٧٨ ـ ما برئت من ريبة وذمّ |
|
في حربنا إلا بنات العمّ (١) |
«وسمّي» المستثنى «مفرّغا» ، أي مستثني مفرّغا ، لأنّه الاسم لا مفرّغ وحده ، وإنّما سمّي بذلك تسمية له باسم عامله ، لأنّه هو المفرّغ في الحقيقة ، إذ لم يشتغل (٢) بمستثني منه ، يعمل فيه لفظا ، ففرغ عنه للعمل في المستثنى ، فلا حاجة إلى ما قاله بعضهم بأنّ المراد بالمفرّغ المفرّغ له على الحذف والإيصال ، كما يراد بالمشترك المشترك فيه ، لأنّه
__________________
(١) لم يسم قائله وتقدّم برقم ٨٩.
(٢) في «ح» أو لم يشتغل وفي «ط» إذا لم يشتغل.