مررت بمثلك أحدا ، انتهى. وقال ابن الضائع : الوجه أن يقال : هو بدل من الاسم مع إلا مجموعين فيكون بدل شيء لغير واحدة ، انتهى.
حكم المستثنى غير الموجب : «وإلا» يكن الكلام موجبا بل كان غير موجب ، ففيه تفصيل ، «فإن كان» المستثنى «متّصلا فالأحسن والأرجح إتباعه» ، أي اتباع المستثنى للمستثني منه «على اللفظ» بدلا منه ، بدل بعض من كلّ عند البصريّين ، وعطف نسق عليه عند الكوفيّين ، لأنّ إلا عندهم من حروف العطف في باب الاستثناء خاصّة ، وهي عندهم بمترلة لا العاطفة في أنّ ما بعدها مخالف لما قبلها ، لكنّ ذلك منفيّ بعد إيجاب ، وهذا موجب بعد النفي. قاله ابن هشام في المغني ، واعترض مذهب البصريّين بأنّ بدل البعض لا بدّ له من رابط ، ولا ضمير يعود إلى المبدل منه ، وإنّه مخالف للمبدل منه ، فإنّ المبدل موجب ، والمبدل منه منفيّ.
وأجيب عن الأوّل بأنّ الربط بالاستثناء أغني عن الربط بالضمير لظهور إفادة البعضية ، وعن الثاني بأنّه لا منع من التخالف مع الحرف المقتضي لذلك كما جاز في الصفة ، نحو : مررت برجل لا ظريف ولا كريم ، جعلت النفي مع الاسم الّذي بعده صفة لرجل ، والإعراب على الاسم كذلك تجعل في نحو : ما جاء القوم إلا زيد ، قولنا : إلا زيد بدلا ، والإعراب على الاسم ، قاله الرضيّ (ره) ، واعترض مذهب الكوفيّين باطّراد قولهم : ما قام إلا زيد ، وليس شيء من حروف العطف يلي العوامل. قال ابن هشام في المغني : وقد يجاب بأنّه ليس تإليها (١) في التقدير : إذ الأصل ما قام أحد إلا زيد ، انتهى.
قال الدمامينيّ : لكن يلزم عليه جواز حذف المعطوف عليه مطّردا ، والفرض أنّه قليل ، انتهى.
فائدة : قال ابن الدهان في الغرّة : ليس في الابدال ما يخالف حكم المبدل منه إلا في الاستثناء وحده. وذلك أنّك إذا قلت : ما قام أحد إلا زيد فقد نفيت القيام عن أحد ، وأثبته لزيد. وهو المبدل منه ، نحو : قوله تعالى : (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) [النساء / ٦٦] ، قرأ الستّة بالرفع على أنّه تابع للضمير المرفوع المتّصل بالفعل ، وابن عامر بالنصب على الاستثناء.
تنبيهات : الأوّل : زاد جماعة منهم ابن مالك في التسهيل وابن هشام في الجامع في هذه المسألة ، أعني ترجيح الاتباع على النصب قيدين آخرين : أحدهما : أن يكون المستثنى متراخيا عن المستثنى منه ، نحو : ما جاءني أحد حين كنت جالسا هنا إلا زيدا ، وثانيها :
__________________
(١) ليس طالبا «ح».