الثاني : المجرور بالباء الزائدة نحو : ليس زيد بشيء إلا شيئا يعبأ به ، فشيئا منصوب على البدلية من محلّ شيء ، لأنّه في موضع نصب لتعذّر الإبدال من لفظ المجرور بها أيضا ، لأنّها وضعت لتدلّ على تاكيد نفي المجرور بها ، سواء كان المجرور مباشرا كما مرّ أو تابعا للمباشر لها ، نحو : ما زيد بقائم ولا قاعد ، وقد تقرّر أنّ إلا مبطلة لما يتقدّمها من نفي ، وإذا بطل فلا يؤكّد.
إعراب لا إله إلا الله : الثالث : اسم لا التبرئة ، نحو : (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) [الصافات / ٣٥] ، فاسم الجلالة مرفوع على البدليّة من المحلّ كما سيأتي لتعذّر الإبدال من لفظ اسم لا ضرورة أنّ لا لا تقدّر عاملة بعد إلا ، لأنّها لا تعمل في معرفة ، ولمناقضتها لإلا في المعنى ، لأنّها إنّما عملت للنفي وقد انتقض بإلا ، ولا يرد نحو : ليس زيد شيئآ إلا شيئا لا يعبأ به ، مع انتقاض النفي فيه أيضا بإلا ، لأنّ لا إنّما عملت للنفي ، فلا تقدّر عاملة إلا مع وجوده ، وهو مع إلا مفقود كما عرفت ، فبطل تقديرها بعده ، وليس إنّما عملت للفعلية لا للنفي ، وهي بمترلة ما وكان جميعا ، ويجوز ما كان زيد شيئا إلا يعبأ به على البدل ، لأنّ العمل لكان لا للنفي ولا لكان والنفي جميعا.
وكان بمجرّدها يصحّ تقديرها بعد إلا ولمّا كانت ليس فعلا ، معناه النفي توهّم أنّها بمثابة لا في العمل ، وليس كذلك ، بل عملها للفعلية ، والفعلية إذا قدّرت مجرّدة عن النفي لم يتعذّر العمل ، ولكن لمّا كان انفكاكها عن النفي متعذّرا توهّم أنّ النفي متعذّر ، قاله ابن الحاجب.
واختلف في المبدل منه لاسم الجلالة ما هو ، فقيل : هو لا مع اسمها ، لأنّها في موضع رفع بالابتداء عند سيبويه ، وقيل : هو اسم لا باعتبار محلّ الاسم قبل دخول لا ، لأنّه في موضع رفع بالابتداء ، وهو قول الأكثرين ، ويشكل عليه أمران : أحدهما أنّ اعتبار محلّ اسم لا على أنّه مبتدأ ، قيل : دخول لا قد زال بدخول الناسخ كما قال الرضيّ في باب إنّ. الثاني : إنّ المراعي في البدل صحّة حلوله محلّ اسم لا منه ، وهو هنا متعذّر ، وأجاب عن هذا ابن هشام بأنّه بدل من الاسم مع لا ، فإنّهما كالشيء الواحد ، ويصحّ أن يخلفهما ، ولكن يذكر الخبر حينئذ ، فيقال : الله موجود ، انتهى.
وتعقّبه الدمامينيّ بأنّ هذا خروج عن فرض المسألة ، لأنّ الإشكال أنّما ورد على القائلين بأنّ الاسم المرفوع بدل من اسم لا باعتبار محلّه ، ولم يقولوا : بدل من مجموع الاسم ولا ، فكيف يكون هذا رافعا للاشكال ، انتهى. قلت : وأيضا فما أجاب به ابن هشام قول مستقلّ كما عرفت ، قال به جماعة ، وحكاه في الهمع ، فيكون هذا منه