وخصّص العامليّ الحديقة الثالثة بالأفعال ، ويشرح إعراب الفعل المضارع ، ثمّ يأتي بثلاثة فصول ، وفي كلّ فصل يشرح أفعال المدح والذّمّ وفعلى التعجّب وأفعال القلوب ، وفي خاتمة هذه الحديقة يدخل مبحث التنازع.
تأثّر الشيخ البهائي بابن هشام في «مغني اللبيب» ، ويظهر هذا التأثّر جليّا في الحديقة الرابعة والخامسة ، بحيث يمكن القول : إنّ العاملي لخّص الباب الثاني من المغني في الحديقة الرابعة من «الفوائد الصمديّة» في تعريف الجمل واقسامها. بّ
والحديقة الخامسة وهي آخر حدائق «الفوائد الصمديّة» خصّصها للمفردات ، وهذه الحديقة مثل الحديقة الرابعة خلاصة الباب الأوّل من «مغني اللبيب» بإيجاز شديد.
يمكن القول إنّ الشيخ البهائي لم يأت بجديد في علم النحو ، وكان فضله أنّه قدّم القواعد النحوية كلّها بصورة موجزة في الفوائد الصمدية ، وهذا العمل عظيم في نوعه.
وبالرغم من إيجازه الشديد حاول البهائيّ أن يشرح القواعد بصورة واضحة ، ولا نرى غموضا كثيرا في هذا الكتاب إلا في مواضع قليلة ، منها في مبحث توابع المنادى ، حيث يقول : «أمّا المعطوف فإن كان مع أل فالخليل يختار رفعه ، ويونس نصبه ، والمبرّد إن كان كالخليل فكالخليل ، وإلا فكيونس ، وإلا فكالبدل».
وفي سنة ١٠٥٢ ه ق ولد في المدينة المنورّة السّيّد على صدر الدين المدنيّ الشيرازيّ الملّقب بالسّيّد على خان الكبير الّذي ألّف كتاب «الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمديّة» الّذي يعتبر شرحا عظيما وافيا بالمقصود ، بيّن فيه كلّ ما أجمله الشيخ البهائيّ.
ويمكن القول إنّ «الحدائق الندية يعتبر كتابا كاملا في علم النحو ، واستفاد المؤلّف فيه من آراء كبار النّحويّين واللغويّين كالخليل وسيبويه والكسائيّ وابن جنيّ ، واعتمد في شرحه على آراء نحو ثلاثمائة نحويّ ولغويّ ، بحيث جاء الكتاب ، وكأنّه موسوعة لآرائهم.
ما تجدر الإشارة له هنا هو أنّ السّيّد على خان شدّد في تسويغه لوضع كتاب الحدائق الندية بأنّ تعلّم علم النحو واجبّ ، كما أكّد علماء الأمّة ، لأنّ النحو مفتاح اللغة العربيّة ، وهذه اللغة وسيلة فهم الشريعة الإسلاميّة ، ويقول الشارح : قيل : ومن ثمّ كانت معرفته واجبة ، لأنّ تعلّم الشرائع الواردة بلغة العرب لا تتمّ إلا به (أى علم النحو) ، وكلّ ما لا يتمّ الواجب المطلق إلا به فهو واجب.
استفاد السّيّد على خان فى «الحدائق الندية» من كتب نحويّة كثيرة ، ويظهر أثر مغني اللبيب واضحا في الحدائق ، إضافة لتأثّره بآراء الرضيّ بشكل واضح وشديد ، و