٣٩٥ ـ أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة |
|
قليل بها الأصوات إلا بغامها (١) |
أي غير غامها أو شبه الجمع المنكر كقوله [من البسيط] :
٣٩٦ ـ لو كان غيري سليمى اليوم غيّره |
|
وقع الحوادث إلا الصّارم الذكر (٢) |
أي لو كان غيرى غير الصارم الذكر غيّره وقع الحوادث.
وتفارق إلا هذه غيرا بأنّه لا يجوز حذف موصوفها ، لا يقال : جاءني إلا زيد ، ويقال : جاءني غير زيد ، وبأنّه لا يوصف بها إلا حيث يصحّ الاستثناء بها فلا يصحّ عندي درهم إلا جيّد ، ويجوز : درهم غير جيّد.
«وسوى» بلغاتها ، فإنّه يقال : سوى كرضي ، وهي أشهرها ، وسوى كسما ، وسوى كهدي ، وسواء ككساء ، وهي أغربها ، وقلّ من ذكرها ، وممّن نصّ عليها ابن العلج وابن الخباز وابن عطية (٣) والفارسيّ.
قال ابن هشام في شرح اللمحة : والّذي يظهر من كلام النّحويّين أنّ الاستثناء بهذه اللغات مسموع ، وزعم ابن عصفور في شرح الجمل الصغير أنّه لم يشرب من هذه اللغات معنى الاستثناء إلا سوى المكسورة السين يعني المقصورة ، فإنّه هو وأكثرهم لم يذكروا الكسر مع المدّ. قال : فإن استثني بما سواها فبالقياس عليها ، انتهى.
قلت : وهي دعوى لم يقم عليها دليل ، وممّن نصّ على التسوية بينهما الزجّاج في الجمل وابن بابشاذ في شرحه. قال الزجاج : وأمّا سوى وسوى وسواء فإنّها تخفض على كلّ حال. وقال ابن بابشاذ في الشرح : وسوى وسوى وسواء يستثني بها كما يستثني بغير ، انتهى.
إعراب غير : «مجرور» وجوبا «بالإضافة» أي بإضافة المستثنى إليهما ، «وتعرب غير» بالاجماع إعراب المستثنى بإلا ، أي مثل اعرابه على التفضيل السابق فيه ، فتقول : قام القوم غير زيد. وما قام غير زيدا أحد ، بالنصب في الموضعين ، كما تقول : قام القوم إلا زيدا أو ما قام إلا زيدا أحد ، وتقول : ما قام غير زيد بالرفع ، كما تقول : ما قام إلا زيد. وتقول ما في الدار أحد غير حمار بالنصب وجوبا على لغة الحجازيّين. وبه أو بالرفع على لغة التميميّين ، كما تقول : ما في الدار أحد إلا حمارا بالنصب ، وجوبا على لغة أولئك ، و
__________________
(١) البيت لذي الرّمة. اللغة : انيخت : مجهول من أناخ أي أبركه ، ألقت : طرحت وأراد ببلدة الأولى صدرها وبالثانية الأرض ، البغام : إصاخه النافة بأرخم صوتها.
(٢) هو للبيد بن ربيعة العامري. اللغة : الصارم : السيف القاطع ، الذكر : أجود الحديد.
(٣) عبد الحق بن غالب بن تمام بن عبد الرؤوف بن عبد الله بن تمام بن عطية الغرناطيّ كان نحويّا لغويّا أدبيا وألّف : تفسير القرآن العظيم توفّي سنة ٥٤٦ ه ق. بغية الوعاة ٢ / ٧٣.