مجاميعه أنّ الشريف الرضي الموسويّ ـ رحمه الله ـ أحضر إلى ابن السيرافيّ النحويّ (١) ، وهو طفل جدّا لم يبلغ عمره عشر سنين ، فلقّنه النحو ، وقعد معه في الحلقة ، فذاكره بشيء من الإعراب على عادة التعليم ، فقال له : إذا قلنا : رأيت عمر ، فما علامة النّصب في عمر؟ فقال له الرضيّ : بغض علي (ع) ، فعجب السيرافىّ والحاضرون من حدّة خاطره (٢) ، انتهى.
واللؤم ضد الكرم في الأخلاق والحسب ، وبغض على (ع) فوق اللؤم ، لما ورد في ذلك من الآثار الكثيرة والأخبار الشهيرة ، منها ما رواه عبد الله بن مسعود (٣) ، قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : من زعم أنّه آمن بي وبما جئت به وهو يبغض عليا فهو كاذب ، ليس بمؤمن ، وكم من هذا. (٤)
أوّل من وضع النحو وحكاية وضعه وشرف علم العربية : «وواضع علم النحو لحفظ الكلام» إتّفق العلماء على أنّ أوّل من وضع علم النحو وابتدعه وأنشأه علي (ع).
قال أبو القاسم الزّجاجيّ (٥) في أماليه : حدّثنا أبو جعفر محمد بن رستم الطبريّ ، حدّثنا أبو حاتم السجستانيّ ، حدّثني يعقوب بن إسحق الحضرميّ (٦) ، حدّثنا سعيد بن مسلم الباهليّ (٧) ، حدّثنا أبي عن جدّي عن أبي الأسود الدئلي (٨) قال ، قال : دخلت على عليّ بن أبي طالب (ع) فرأيته متفكّرا فقلت له : فيم تفكّر يا امير المؤمنين؟ قال إنّى سمعت ببلدكم هذا لحنا ، فأردت له أن أصنع كتابا في أصول العربية ، فقلت : إن فعلت هذا أحييتنا ، وبقيت فينا هذه اللغة ، ثمّ أتيته بعد ثلاث فألقى إليّ صحيفة فيها بسم الله الرحمن الرحيم. الكلام كلّه اسم وفعل وحرف.
__________________
(١) الحسن بن عبد الله أبو سعيد السيرافيّ النحويّ ، عالم بالنحو والفقه واللغة والشعر والعروض والقرآن ، من كتبه «شرح كتاب سيبويه ، الإقناع في النحو و... بغية الوعاة ٢ / ٥٠٩.
(٢) ما ذكرت هذه الحكاية في «ح وط».
(٣) عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي صحابي من أكابرهم فضلا وعقلا وقربا من رسول الله (ص) وهو من أهل مكة ، وأول من جهر بقراءة القرآن بمكة. الأعلام للزركلي ٤ / ٢٨٠
(٤) سنن نسائي لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي ، الطبعة الثانية ، دار الفكر ، بيروت ، ١٤٢١ ه. كتاب ايمان ص ١٩٢٠.
(٥) يوسف بن عبد الله الزجاجيّ أبو القاسم ، كان غزير العلم في الأدب واللغة ، صنف : شرح الفصيح ، اشتقاق الأسماء ، الإيضاح في علل النحو والأمالى ، مات سنة ٤١٥. بغية الوعاة ٢ / ٣٧٥.
(٦) يعقوب بن إسحاق بن زيد الحضرميّ البصريّ ، أحد القرّاء العشرة. له في القراءآت رواية مشهورة وله كتب منها : الجامع ووجوه القراءآت. مات سنة ٢٠٥ ه بالبصرة. الأعلام للزركلي ، ٩ / ٢٥٥.
(٧) لم أجد ترجمة حياته.
(٨) ظالم بن عمرو بن ظالم أبو الأسود الدئلي البصريّ كان شيعيا شاعرا ، وهو أوّل من نقط المصنّف ، مات سنة ٦٠٩ ه ق. بغية الوعاة ٢ / ٢٢.