لو فرغ من ذلك المعمول وسلّط على الاسم لنصبه ، إذا تقرّر هذا فنقول : «إذا اشتغل عامل» فعلا كان أو ما يعمل عمله.
قال ابن الصائغ : ولا يدخل في هذا الباب إلا اسم الفاعل والمفعول دون الصفة المشبهة والمصدر واسم الفعل والحرف ، لأنّه لا يعمل شيء منها فيما قبله عن نصب اسم متقدّم عليه «بنصب ضميره» ، أي ضمير ذلك الاسم ، بمعنى أنّ العامل لم ينصب الاسم المقدّم عليه بسبب نصبه لضميره «أو متعلّقه» ، أي متعلّق الاسم أو متعلّق ضميره ، فلولا ذلك لعمل فيه ، فيفهم منه أنّه ليس هناك مانع لفظيّ أو معنويّ ، بل هو بحيث لو سلّط عليه ، ولم يشتغل بما ذكر لنصبه مع بقاء المعنى الحاصل بالرفع لا محالة.
فظهر أنّه لا حاجة إلى ما زاده ابن الحاجب في الكافية من قول بحيث لو سلّط عليه هو أو مناسبه لنصبه (١) ، والتعلّق يكون بوجوه كثيرة ككون الاسم مضافا إليه ، نحو : زيدا ضربت غلامه ، ومنه نحو : زيدا ضربت عمرا وأخاه ، لأنّ الفعل مشتغل بالمضاف ، لكن بواسطة العطف أو موصوفا لعامل ذلك الضمير أو موصولا له ، نحو : زيدا ضربت رجلا يحبّه ، وزيدا ضربت الّذي يحبّه ، أو معطوفا عليه موصوف عامل الضمير ، أو موصوله ، نحو : زيدا لقيت عمرا ورجلا يضربه ، وزيدا لقيت عمرا والّذي يضربه أو غير ذلك من المتعلّقات. وضابط التعلّق أن يكون ضمير المنصوب من تتمّة المنصوب بالمفسّر ، قاله الرضيّ.
حالات الاسم المشتغل عنه : «كان لذلك الاسم» المشتغل عنه العامل «خمس حالات» : وجوب نصبه ، ووجوب رفعه ، ورجحان نصبه على رفعه ، وتساوي الأمرين ، ورجحان رفعه على نصبه.
«فيجب نصبه بعامل مقدّر» وجوبا «يفسّره» العامل «المشتغل» عنه بنصب ضميره أو متعلّقه ، ولذلك وجب تقديره ، لأنّ المفسّر المتأخّر عوّض عنه ، ولا يجمع بين العوض والمعوّض ، ويجب أن يكون مقدّما على الاسم ، لئلّا يلزم مخالفة الأصل من وجهين : الحذف ووضع الشيء في غير محلّه ، إلا أن يمنع مانع ، فيقدّر مؤخّرا ، نحو : أيّهم رأيته ، إذ لا يعمل في الاستفهام ما قبله ، ولكون المفسّر المذكور دليلا على المقدّر كأنّ الأصل أن يكون المقدّر من لفظ المفسّر ، ومعناه كزيدا ضربته أي ضربت زيدا ضربته (٢) ، إلا إذا حصل مانع صناعيّ ، كما في زيدا مررت به ، أو زيدا حبست عليه ، أو معنويّ ، كما في
__________________
(١) من فظهر حتى هنا سقطت في «س».
(٢) سقط ضربته في «ح».