العامل فيما يرد منصوبا وغير منصوب ، لأنّا نقول : جواز رفعه في بعض الصور يكفي في إدخاله في هذا النوع.
المواضع الّتي يترجّح فيها نصبه : «ويترجّح نصبه» بعامل مقدّر يفسّره العامل المشتغل على رفعه بالابتداء إن «تلا مظانّ الفعل» ، [المظانّ] جمع مظنّة بكسر الظاء ، وهي موضع ظنّ الشيء ومعدنه ، مفعلة من الظنّ ، وكان القياس فتح الظاء ، وإنّما كسرت لأجل الهاء ، قاله في النهاية ، والمراد مواقع الفعل الّتي لها مزيد اختصاص به ، وذلك بعد الهمزة الاستفهاميّة «نحو : أزيدا ضربته؟» فترجّح نصب زيدا بفعل محذوف يفسّره المذكور ، ولأنّ الغالب في الهمزة أن تدخل على الأفعال.
وإنّما لم يجب دخولها عليها كباقي أخواتها ، لأنّها أمّ الباب ، وهم يتوسّعون في أمهات الأبواب ما لم يتوسّعوا في غيرها ، وبعد ما أو لا أو إن النافية ، نحو : ما زيدا أو لا زيدا أو إن زيدا رأيته ، فترجّح النصب ، لأنهم شبّهوا أحرف النفي بأحرف الاستفهام في أنّ الكلام معها غير موجب ، وبعد حيث مجرّدة عن ما نحو : حيث زيدا تلقاه فأكرمه ، لأنّها تشبه أدوات الشرط ، فلا يليها في الغالب إلا فعل.
تنبيهات : الأوّل : إذا فصّلت الهمزة من الاسم فالمختار الرفع ، نحو : أأنت زيدا تضربه ، إلا في نحو : أكلّ يوم زيدا تضربه ، لأنّ الفصل بالظرف كلا فصل ، وقال ابن الطراوة : إن كان الاستفهام عن الاسم فالرفع [مختار] نحو : أزيد ضربته أم عمرو ، وحكم بشذوذ النصب في قوله [من الوافر] :
٤٠٦ ـ أثعلبة الفوارس أم رياحا |
|
عدلت بهم طهيّة والخشابا (١) |
وقال الأخفش : أخوات الهمزة كالهمزة في ترجيح النصب ، نحو : أيّهم زيدا ضربه؟ ومن أمة الله ضربها؟ قاله [ابن هشام] في الأوضح.
الثاني : ما ذكرناه من ترجّح النصب بعد حروف النفي المذكورة هو ما ذكره ابن مالك وابن عصفور ، وزعما أنّه مذهب الجمهور ، قيل : وظاهر قول سيبويه اختيار الرفع ، لأنّه قال بعد أن ذكر النصب فيه : وإن شيءت رفعت ، والرفع فيه هو الأقوي ، وقال الرضيّ : جعل سيبويه الرفع بعد حروف النفي أحسن منه بعد الهمزة ، وذلك لأنّ الجملة مع الهمزة تصير طلبيّة ، وكون الطلبيّة فعلية أولى إن أمكن ، ولا تصير مع حرف النفي طلبيّة ، انتهى.
__________________
(١) البيت لجرير. اللغة : طهية والخشاب قبيلتان أو حيان من تميم.