٤٠٨ ـ فارسا ما غادروه ملحما |
|
... (١) |
إنّه من الاشتغال ، قال : والظاهر أنّه نصب على المدح ، وما في البيت زائدة ، ولهذا أمكن أن يدّعي أنّه من الاشتغال.
ومنع بعضهم الشرط المذكور مستدّلا بقراءة : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها) [النور / ١] ، بالنصب على الاشتغال ، فتأمّل.
تساوي الأمران : «ويتساوى الأمران» أي الرفع والنصب «إذا لم تفت المناسبة» ، أي تناسب الجملتين «في العطف على التقديرين» ، وضابط ذلك أن يتقدّم على الاسم عاطف مسبوق بجملة فعلية مخبر بها عن اسم قبلها ، «نحو : زيد قام وعمرا أكرمته» أي عنده أو في داره أو لأجله ، وذلك لأنّ زيد قام جملة كبري ذات وجهين ، لأنّها اسميّة الصدر فعلية العجز.
ومعنى قولنا : كبري أنّها جملة في ضمنها جملة ، «فإن رفعت» ، كنت قد راعيت صدرها ، «فالعطف على» الجملة «الاسميّة» ، أو نصبت كنت قد راعيت عجزها ، فالعطف «على» الجملة «الفعلية» ، فالمناسبة حاصلة على كلا التقديرين فاستوي الوجهان.
تنبيهات : الأوّل : مثال المصنّف المذكور كمثال سيبويه لهذه المسألة ، وهو زيد قام وعمرو كلّمته ، واعترض عليه بأنّه لا يجوز فيه العطف على الصغرى ، لأنّها خبر المبتدأ ، والمعطوف في حكم المعطوف عليه فيما يجب له ويمتنع عليه ، فالواجب في الجملة الّتي هي خبر المبتدأ رجوع ضمير إلى المبتدأ ، وليس في عمرو كلّمته ضمير راجع إلى زيد ، واعتذر له السيرافيّ بأنّ غرضه لم يكن تصحيح المثال ، بل تبيين جملة اسميّة الصدر فعلية العجز ، معطوف عليها أو على الخبر منها ، وتصحيح المثال إليك بزيادة ضمير فيه نحو عمرو كلّمته في داره ، أو نحو ذلك.
وإنّما سكت سيبويه عن هذا اعتمادا على علم السامع أنّه لا بدّ للخبر إذا كان جملة من ضمير فيصحّ المثال إذا أراد ، قاله الرضيّ وارتضاه ، وبذلك يوجّه مثال المصنّف أيضا.
__________________
(١) تمامه «غير زميل ولا نكس وكل» نسب هذا البيت لعلقمه الفحل ولامراة من بني الحارث بن كعب. اللغة : غادروه : تركوه في مكانه ، الملحم بزنة المفعول : الّذي ينشب في الحرب فلا يجد له مخلصا ، الزميل : الضعيف الجبان ، النكس : الضعيف الّذي يقصر عن النجدة وعن غاية المجد والكرم ، الوكل : الّذي يكل أمره إلى غيره عجزا.