ولقد أبدع المصنّف (ره) في براعة الاستهلال من ذكر الكلمة والكلام والإبتداء والخبر والعلم والرفع والنصب والكسر والجزم ، وهو من محاسن البديع المرغوب فيها.
ص : وبعد فهذه الفوائد الصّمديّة ، في علم العربيّة. حوت من هذا الفنّ ما نفعه أعمّ ، ومعرفته للمبتدئين أهمّ ، وتضمّنت فوائد جليلة في قواعد الإعراب ، وفرائد لم يطلّع عليها إلا أولو الالباب. ووضعتها للأخ الاعزّ عبد الصّمد ؛ جعله الله من العلماء العاملين ، ونفعه بها وجميع المؤمنين. وتشتمل على خمس حدائق :
معنى الإشارة إلى المصنّفات وإنّها مجازية : ش : «وبعد» بالبناء على الضّمّ لقطعه عن الإضافة لفظا ، وهو ظرف زمان كثيرا ومكان قليلا ، وهنا صالح للأولى باعتبار اللفظ ، وللثّاني باعتبار الرّقم ، والواو للإستئناف ، والعامل فى الظرف ما يفهم من السياق مثل أقول ، أو أعلم ، وهذه الفاء زائدة ، دخلت على توهّم أمّا إشعارا بلزوم ما بعدها لما قبلها ، وقيل : الأصل أمّا بعد ، فحذفت أمّا ، وعوّض عنها الواو تخفيفا لدلالة الفاء عليها ، والإشارة مجازية ، لأنّ الحقيقة أنّما يكون للمشاهد المحسوس الحاضر ، فإذا أشير بها إلى المعدومات أو الموجودات المجرّدة أو المادية الغائبة عن الحسّ ، كان ذلك مجازا تتريلا لحضوره عند العقل مترلة المحسوس الحاضر.
ثمّ الإشارة هنا إلى المتن المعبّر عنه بالفوائد الصمديّة ، والمراد منه أمّا الألفاظ المخصوصة من حيث دلالتها على المعاني المخصوصة ، وأمّا المعاني المخصوصة من حيث عبّر عنها بالألفاظ المخصوصة ، وأمّا عن النقوش المخصوصة من حيث دلالتها على الألفاظ المخصوصة (١) أوّلا والمعاني ثانيا ، وأمّا المركّب من الثلاثة أو الإثنين منها ، وليس لشئ منها حضور في الخارج سوى النّقوش.
أمّا الألفاظ فلعدم حضورها فى الخارج مجتمعة ، وأمّا المعاني فظاهر ، وأمّا المركّبات فلاشتمالها لاأقل على جزء معدوم في الخارج ، ثمّ مجموع النقوش الحاضرة ليس إلا شخصا ما هو معنى المتن ، وهو مطلق النقوش الدالّة على تلك الألفاظ ، فإنّ أسماء الكتب ليست من الأعلام الشخصية ، وإلا كان إطلاقها على غير شخص واحد ممّا يسمّى به مجازا ، بل من الأعلام الجنسية الموضوعة لإشارة إلى الحقائق الكلية ، وليس لها حضور في الخارج ، فعلى تقدير الإشارة إلى النقوش تكون الإشارة إلى الحاضر في
__________________
(١) من أمّا عن النقوش سقطت فى «ط».