وذهب الخليل وتبعه سيبويه إلى أنّ هذا الاسم لا يوصف ، لأنّ الميم كلمة مستقلّة ، فتكون فاصلة بين الموصوف والصفة ، وقيل : لأنّه صار عندهم بمترلة الصوت. قال سيبويه في قوله تعالى : (اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [الزمر / ٤٦] ، إنّه على نداء آخر ، أي يا فاطر السموات ، وذهب المبرّد والزجاج إلى جواز وصفه (١) بمرفوع على اللفظ ، وبمنصوب على الصفة ، وجعلا فاطر السموات صفة له. قال أبو حيّان : والصحيح مذهب سيبويه ، لأنّه لم يسمع مثل : أللهمّ الرحمن الرحيم ، والآية ونحوها محتملة للنداء.
وقوع أللهمّ في غير نداء : فائدة : وقد تخرج لفظة أللهمّ عن النداء ، فتستعمل على وجهين آخرين :
أحدهما : أن يذكرها المجيب تمكينا للجواب في نفس السامع ، يقول لك القائل : أقام زيد؟ فتقول أنت : أللهمّ لا.
والثاني : أن تستعمل دليلا على الندرة وقلّة وقوع المذكور ، كقولك : أنا لا أزورك اللهمّ إذا لم تدعني ، ألا ترى أنّ وقوع الزيارة مقرونة بعدم الدعاء قليل. قال في النهاية (٢) :
وقد جرت عادة العلماء باستعمال أللهمّ فيما في ثبوته ضعف ، وكأنّه يستعان في إثباته بالله تعالى.
تنبيه : استثنى بعضهم المنادى البعيد أيضا قال : فلا يجوز معه حذف حرف النداء ، لأنّ المراد فيه إطالة الصوت ، والحذف ينافيه.
أحكام المنادى في الإعراب : هذا «تفصيل» لأحكام المنادى في الإعراب. «المفرد» وهو هنا ما ليس مضافا ولا شبيها بالمضاف كما مرّ ، فيدخل فيه المثنّى والمجموع والمركّب المزجيّ ، «المعرفة» وهي ما كان تعريفه سابقا على النداء ، «والنكرة المقصودة» وهي ما عرض تعريفها بالنداء بأن قصد بها معيّن ، «يبنيان» لفظا أو تقديرا لوقوعهما موقع الكاف الاسميّة المشابهة لفظا ومعنى لكاف الخطاب الحرفيّة ، وكونهما مثلها إفرادا وتعريفا ، وذلك لأنّ يا زيد مثلا بمعنى أدعوك ، وهذه الكاف ككاف ذلك لفظا ومعنى ، وإنّما قلنا : ذلك ، لأنّ الاسم يبنى لمشابهة الحرف ، ولا يبني لمشابهة الاسم المبنيّ ، ولذلك كان هذا التعليل أحسن من التعليل بشبهها أنت في التعريف والإفراد وتضمّن
__________________
(١) سقط إلى جواز وصفه في «ح».
(٢) المقصود من النهاية إمّا «نهاية الإعراب في التصريف والإعراب» لأثير الدين أبو حيّان ، وإمّا «النهاية في النحو» لابن الخباز. كشف الظنون ٢ / ١٩٨٦.