وهذا مبنيّ على مذهب البصريّين من جواز نداء النكرة غير الموصولة مقبلا عليها وغير مقبل ، وقيل بالمنع مطلقا ، وهو مذهب الأصمعيّ ، وقيل : ان كانت خلفا عن موصوف جاز ، نحو : يا ذاهبا ومنه فيا راكبا البيت وإلا فلا ، وهو قول الكسائي وعامّة الكوفيّين.
ولا يجوز عندهم يا رجلا ، وزعموا أنّه ليس بمسموع وقيل إن كانت مقبلا عليها جاز ، وإلا فلا ، وهو قول الفارسي قال : ولا يتصوّر نداء نكرة غير مقبل عليها ، وما جاء منوّنا كالبيت محمول على الضرورة ، هكذا نقله ابن عقيل ، والّذي في الأوضح والإرتشارف نقل إنكار وجود النكرة غير مقبل عليها في النداء عن المازنيّ ، قاله في السراج.
تنبيهات : الأوّل : قال بعضهم التعبير بالمضاف في قوله والمضاف وشبهه لا يصدق إلا على نحو : يا غلام زيد ، دون نحو : يا عبد الله علما ، لأنّ المنادى مجموع المضاف والمضاف إليه لا مجرّد المضاف ، كما لا يخفى ، ولو قال : أو ذا إضافة لسلم لشموله لما وقع مضافا ، ولما اشتمل على الإضافة ، انتهى.
وهذا إنّما يرد إذا جعلنا المضاف في عبارة المصنّف وصفا للمنادي ، ولنا أن نجعله وصفا لمطلق الاسم فيكون المعنى : والاسم المضاف في النداء يثبت له الحكم المذكور ، فيشمل نحو : يا غلام زيد ممّا المنادى فيه المضاف ، ويا عبد الله ، ممّا المنادى فيه مجموع المضاف والمضاف إليه ، فتدبّر.
الإشكال في يا طالعا جبلا : الثاني : في قولهم «يا طالعا جبلا» إشكال مشهور ، حتى قيل : إنّه من المزالق النحويّة ، وذلك أنّه لم يوجد فيه معتمدا لطالعا حتى يعمل ، واسم الفاعل لا يعمل بدون اعتماد على ما سيأتي ذكره ، وتقدير الموصوف مشكل ، لأنّه إذا قدّر موصوف ، يكون موصوفه منادي مفردا ، فلا يكون هناك شبه مضاف.
وقال الرضيّ في بحث الموصول : إنّ عمل اسم الفاعل والمفعول من غير اعتماد على أحد الأمور الخمسة ، أي الموصوف وذي الحال والمبتدإ وحرف النفي وحرف الاستفهام ، مذهب الأخفش والكوفيّين دون البصريّين. وأمّا قول النحاة : يا ضاربا غلامه ويا حسنا وجهه بالاعمال ورجوع الضمير إلى مقدّر فمثال لهم غير مستند إلى شاهد من كلام موثوق به ، ولا يقال : جائني حسن وجهه في الاختيار ، بل قد يجئ مثله في الشعر نحو قوله [من الطويل] :