الذّهن ، هكذا حرّره غير واحد من المحقّقين ، وهو التحقيق ، فما وقع في كثير من كتب المؤلّفين من أنّ الإشارة في مثل هذا تارة تكون حقيقيّة وتارة تكون مجازيّة بحسب وضع الخطبة ليس بشئ الفوائد الصمدية.
النسبة إلى المركّب الإضافىّ المعرّف صدره بعجزه : «أل» للعهد الحضوري ، نحو : هذا الرّجل ، و «الفوائد» جمع فائدة ، وسيأتي معناه لغة وعرفا ، و «الصّمدية» نسبة إلى عبد الصّمد ، على ما تقرّر من أنّ المركّب الإضافىّ المعرّف صدره بعجزه تكون النسبة إلى عجزه ، ويحذف لها الصّدر ، لأنّ العجر هو المقصود بمدلوله ، كالزبيريّ نسبة إلى ابن الزبير ، وكذا إذا كان كنية ككلثوميّ نسبة إلى أمّ كلثوم ، وألحق بها ما خيف منه من اللبس ، كأشهلي نسبة إلى عبد الأشهل ، ومنافيّ نسبة إلى عبد مناف ، وهى هنا كذلك.
وأمّا بناء «فعلل» من جزئى المضاف منسوبا إليه كعبشميّ نسبة إلى عبد الشمس فشاذّ ، والمحفوظ منه ألفاظ يسيرة ، فلا يقاس عليه.
«في علم العربية» أى كائنة فيه على تشبيه ملابسة ما بين اللفظ والمعنى بملابسة الظرفية ، فتارة يجعل المعنى ظرفا للفظ ، كما فعل المصنّف من جهة كونه حاضرا له آخذا بجوانبه بحيث لا يخرج طرف من اللفظ عن طرف من المعنى ، وهو أمر شائع ، يقال هذه الآية في حكم كذا ، وهذا الكتاب في علم كذا ، وتارة يجعل اللفظ ظرفا للمعنى ، كما يقال هذه المسئلة في كتاب كذا ، وهو ظاهر ، حتّى شاع أنّ الألفاظ أوعية للمعاني وقوالب لها وبمترلة الكسوة واللباس.
معنى علم العربية وعلم الأدب وانقسامه إلى اثني عشر قسما : والمراد بعلم العربية هنا علم النحو فقط ، إذ لم يشتمل الكتاب على غيره ، وكثيرا ما يطلق عليه على الخصوص ، وقد يطلق على ما هو أعمّ منه ، كما صرّح به بعضهم حيث قال : علم العربية وعلم الأدب مترادفان ، وهو ـ أعنى علم الأدب ـ علم يحترز به عن الخلل في كلام العرب لفظا أو كتابة.
وقد صرّح الزمخشريّ وغيره بانقسامه إلى اثني عشر قسما ، فمنها أصول ، والبحث فيها أمّا عن المفردات ، فإن كان من حيث جواهرها وموادّها فهو علم اللغة ، وإن كان من حيث صورها وهيأتها فهو علم التصريف ، وإن كان من حيث انتساب بعضها إلى بعضها ببعض بالإصالة والفرعيّة فهو علم الاشتقاق.