ظاهرا ، أو مجرورا بربّ ، أو كان للشأن ، وسيأتي ذكر هذه المواضع في كلام المصنّف مفصّلا ، فتستوفي الكلام عليها هناك ، إن شاء الله تعالى.
وإنّما خولف مقتضي وضع ضمير الغائب في هذه المواضع بتأخير مفسّره لقصد التفخيم والتعظيم ، بأن يذكروا أوّلا شيئا مبهما حتى تتشوّق نفس السامع إلى العثور على المراد به ، ثمّ يفسّروه ، فيكون أوقع في النفس ، لكن هذا يختلف في باب التنازع المذكور ، فإنّه لمجرّد الاختصار والاحتراز عن التكرار عند غير الكسائي القائل بأنّ الفاعل محذوف كما سيأتي بيانه.
الضمير المنفصل والمتّصل : «فإن استقلّ» المضمر بنفس بأن لم يحتجّ إلى كلمة أخري قبله يكون هو كالتتّمة لها ، بل كان كالاسم الظاهر ، فهو «منفصل» وهو سبعة : أنا ، وألفه زائدة لبيان الحركة ، ونحن وأن وهو وهي والهاء وإيّا ، وأمّا لواحق أن والهاء وإيّا فحروف دالّة على المراد منها ، «وإلا» يستقلّ بنفسه ، بل احتاج إلى كلمة اخري قبله يكون هو كالتتمّة لها ، فهو متّصل ، وهو تسعة : التاء والنون والألف والواو وياء المخاطبة وتاء المتكلّم والهاء وتا ، وأمّا لواحق الكاف والهاء فحروف دالّة على المراد منها نظيرها ما مرّ ، فجملة الضمائر على هذا ، وهو الصحيح ، ستّة عشر ضميرا لا غير.
تنبيه : ظاهر صنعة أنّ كلّا من المنفصل والمتّصل قسم برأسه ، وذهب بعضهم إلى أنّ المتّصل أصل للمنفصل محتجّا بأنّ مبني الضمائر على الاختصار ، والمتّصل أخصر من المنفصل ، قاله في التصريح.
والمضمر «المتّصل مرفوع ومنصوب ومجرور» لا بمعنى المتّصف بالرفع والنصب والجرّ ، فإنّ أنت مثلا مرفوع ، وإن لم يتّصف بالرفع ، بل بمعنى ضمير لا يستعمل في التركيب إلا في موضع مرفوع أو منصوب أو مجرور. والضمير «المنفصل» مرفوع ومنصوب «غير مجرور» ، لأنّ المجرور بمترلة الجزء الأخير من العامل بحيث لا يجوز فصله ، فهو لا يكون إلا متّصلا.
فهذه خمسة أنواع ، وكلّ منها إمّا مفرد أو مثنى أو مجموع ، فهي خمسة عشر ، وكلّ منها إمّا مذكّر أو مؤنّث ، فهذه ثلاثون ، لكن اكتفي في المثنّى بلفظ واحد لقلّة استعماله ، فسقط خمسة ، فهي خمسة وعشرون ، وكلّ منها أمّا متكلّم ، أو مخاطب أو غائب ، فهذه خمسة وسبعون ، لكن اكتفي في المتكلّم بضميرين ، لأنّ المتكلّم يعلم غالبا كونه مذكّرا أو مؤنّثا ، إمّا برؤيته أو صوته ، فيسقط خمسة عشر من ضرب ثلاثة في