ففي ليس على هذا ضرورتان : إحداهما : اتّصال الضمير ، والثانية : عدم نون الوقاية.
ضمير الشأن والقصّة : هذه «مسألة» في بيان الضمير المسمّى بالشأن وضمير القصة وضمير الأمر وضمير الحديث عند البصريّين ، وضمير المحمول عند الكوفيّين ، لأنّه لا يدري عندهم على ما ذا يعود. وتسمية البصريّين أولى ، لأنّهم سمّوه بمعناه ، والكوفيّون إنّما سمّوه باعتبار وصفه.
«قد» للتقليل ، فإنّ هذا الضمير وقوعه في الكلام قليل بالنسبة إلى غيره من الضمائر «يتقدّم على الجملة» الخبريّة «ضمير غائب» بإضافة الضمير إلى الغائب «مفسّرا بها» ، أي بالجملة الخبريّة لغرض التعظيم والتفخيم ، إذ ذكر الشيء مبهما ، ثمّ مفسّرا أوقع في النفوس من ذكر مفسّرا من أوّل الأمر ، فعلى هذا لا بدّ أن يكون مضمون الجملة شيئا عظيما يعتنى به ، فلا يقال مثلا : هو الذباب يطير.
قال الرضيّ : وهذا الضمير كأنّه راجع في الحقيقة إلى المسؤول عنه بسؤال مقدّر ، يقول مثلا : هو الأمير مقبل ، كأنّه سمع ضوضأ وجلبة ، فاستبهم الأمر ، فسأل ما الشأن والقصة؟ فقلت : هو الأمير مقبل ، أي الشأن هذا ، فلمّا كان العود إليه الّذي تضمّنه السؤال غير ظاهر ، قيل : اكتفى بالتفسير مخبر هذا الضمير الّذي يتعقّبه بلا فصل ، لأنّه معيّن للمسؤول عنه ومبيّن له ، فبان لك بهذا أنّ الجملة بعد الضمير لم يؤت بها لمجرّد التفسير ، بل هي كسائر أخبار المبتدأ ، لكن سمّيت تفسيرا لما بيّنه ، انتهى.
وتكون اسميّة إذا كان الضمير مبتدأ ، وإذا دخله الناسخ اسميّة وفعلية كما سيأتي.
وسمّي ذلك الضمير ضمير الشأن ، إن كان مذكّرا ، نحو : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [التوحيد / ١] ، وضمير القصّة إن كان مؤنّثا ، نحو : (فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الأنبياء / ٩٧] ، وكذا قال غير واحد ، وقال بعض المحقّقين : قد يتوهّم كثير من الناس أنّ التذكير باعتبار لفظ الشأن والتأنيث باعتبار لفظ القصة ، وهذا غلط فاحش ، لأنّه إنّما يكون كذلك لو رجع هذا الضمير إلى هذين اللفظين ، وليس كذلك بل هو راجع إلى المتعقّل ذهنا ، انتهى.
قلت : المراد باعتبار الشأن والقصة في التذكير والتأنيث أنّ الضمير إذا كان مذكّرا ناسب أن يرجع إلى الشأن المعقول ، وإذا كان مؤنّثا ناسب أن يرجع إلى القصة المعقولة رعاية للمطابقة ، فهو راجع فيهما إلى المتعقّل ذهنا ، فان أراد بكثير من الناس من قال بهذا