وذلك الدليل هو أنّ نواسخ المبتدإ لا تدخل على كلم المجازات كما مرّ ، والتزم حذفه في باب أنّ المفتوحة ، إذا خفّفت تبعا لحذف النون ، نحو : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [يونس / ١٠] ، وإنّما لم تلغ ، لأنّ المكسورة قد علمت مخفّفه في الظاهر ، نحو : (إِنَّ كُلًّا لَمَّا) [هود / ١١١] ، مع أنّ المفتوحة أقوي منها لمشابهة فتح أوّلها فتح أوّل الماضي ، فلو ألغيت لزم إعمال الأدنى وإهمال الأقوى ، وإنّما أعملت تلك في الظاهر ، وهذه في المضمر ، لأنّ هذه فرع عن تلك ، والمضمر فرع عن الظاهر الّذي يفسّره ، فأعمل الأصل في الأصل ، والفرع في الفرع.
وهذا مذهب الجمهور ، وذهب سيبويه وجماعة إلى أنّ الملتزم حذفه لا يجب أن يكون ضمير شأن ، واختاره ابن مالك ، وسيأتي لذلك مزيد كلام في حديقة المفردات ، إن شاء الله تعالى.
الثالث : الجمهور على أنّ هذا الضمير اسم ، وزعم ابن الطراوة أنّه حرف ، فمثّل كان زيد قائم ، وليس زيد بقائم ، فإلغاء لكان وليس وأخواتهما ، وأمّا إنّه أمة الله ذاهبة ، فحرف كفّ إنّ عن العمل ، وفي [قول الشاعر من الخفيف] :
٤٧٦ ـ إنّ من يدخل الكنيسة يوما |
|
... (١) |
إنّ ملغاة ، وأمّا : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [التوحيد / ١] ، فهو هنا فسّره المعنى ، أي المعبود الله أحد ، قاله في الإرتشاف.
مواضع عود الضمير إلى المتأخّر : هذه «فائدة» في بيان مواضع عود الضمير إلى متأخّر لفظا ورتبة «ذكر بعض المحقّقين» وهو الرضيّ (رض) ، والمحقّقون جمع محقّق اسم الفاعل من حقّق الشيء تحقيقا ، أي رجعه إلى حقيقته ، بحيث لا يشوبه شبهة ، «عود الضمير إلى» المفسّر «المتأخّر لفظا ورتبة في خمسة مواضع».
وإنّما أسندنا ذكر هذه الفائدة إلى الرضي ، مع أنّه ذكرها ابن بابشاذ في شرح الجمل وابن مالك في التسهيل وابن هشام في المغني وغيرهم ، لأنّ الرضيّ هو الّذي عدّ المواضع خمسة ، وابن بابشاذ عدّها أربعة ، وابن مالك وابن هشام عدّاها سبعة. والمرتضى صنع الرضيّ كما سيأتي بيانه ، والمواضع الخمسة هي :
* «إذا كان» الضمير «مرفوعا بأوّل» العاملين «المتنازعين» للمعمول بعدهما ، «وأعملنا» العامل «الثاني» فيه على مذهب البصريّين ، «نحو : أكرمني وأكرمت زيدا» ، ففي
__________________
(١) تقدّم برقم ١٥٠ و ٤٧٥.