أكرمني ضمير مرفوع به على الفاعلية عائد إلى المتنازع فيه ، وهو زيد المنصوب على المفعوليّة ، والمفعول رتبته التأخير ، فعاد الضمير إلى متأخّر لفظا ورتبة.
* «أو» كان الضمير «فاعلا في باب نعم» وبئس وما جرى مجراهما «مفسّرا بتمييز» ، ولا يفسّر إلا به ، وعبارته توهّم خلاف ذلك ، «نحو : نعم رجلا زيد» ، وبئس رجلا عمرو ، ففي كلّ من نعم وبئس ضمير فاعل يفسّره التمييز ، ورتبة التمييز التأخير ، فقد عاد الضمير إلى التمييز ، وهو متأخّر لفظا ورتبة ، ويلتحق بهما فعل الّذي يراد به المدح والذم ، نحو : (ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ) [الأعراف / ١٧٧] ، و (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) [الكهف / ٥] ، وظرف رجلا زيد ، وذهب الفرّاء والكسائي إلى أنّه لا ضمير في الفعل ، بل المرفوع بعد المنصوب هو الفاعل ، ويأتي الكلام على ذلك في باب أفعال المدح والذّمّ ، إن شاء الله تعالى.
* «أو» كان الضمير «مبدلا منه ظاهر» مفسّر له ، «نحو : ضربته زيدا» ، فالضمير في ضربته عائد إلى المبدل منه ، وهو زيد المنصوب على البدليّة ، والبدل رتبته التأخير عن المبدل منه ، فعاد الضمير إلى المتأخّر لفظا ورتبة ، وهذه المسألة قال ابن عصفور : أجازها الأخفش ، ومنعها سيبويه. وقال ابن كيسان : هي جائزة بإجماع نقله عنه ابن مالك ، كذا قال ابن هشام في المغني. وفي الهمع صحّح الجواز ابن مالك وأبو حيّان ، ومنعه قوم ، وردّه أبو حيّان بالورود ، انتهى.
وممّا خرجوا على ذلك قولهم : أللهمّ صلّ عليه الرؤوف الرحيم ، وقال الكسائيّ : هو نعت وهم يأبون نعت الضمير ، وقوله [من الرجز] :
٤٧٧ ـ ... |
|
فلا تلمه أن ينام البائسا (١) |
وقال سيبويه : هو بإضمار أذمّ.
* «أو» كان الضمير «مجرورا بربّ على ضعف» ، تقدّم الكلام فيه في بحث المجرورات فليراجع «نحو : ربّه رجلا» ، فالضمير المجرور بربّ عائد إلى التمييز ، وهو رجلا ورتبة التمييز التأخير ، كما مرّ ، فقد عاد الضمير إلى متأخّر لفظا ورتبة.
تنبيه : ذهب الزمخشريّ إلى أنّ التمييز يفسّر بالتمييز في باب نعم وربّ ، وذلك أنّه قال في قوله تعالى : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) [فصلت / ١٧] : يجوز أن يرجع الضمير فيه إلى السماء على المعنى ، كما قال : (طائِعِينَ) [فصلت / ١١] ، ونحوه : (أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ) [الحاقة / ٧] ، ويجوز أن يكون ضميرا مبهما مفسّرا بسبع سموات ، والفرق بين
__________________
(١) صدره «قد أصبحت بقرقرى كوانسا» ، ولم يذكر قائله. اللغة : القرقرى : اسم موضع ، الكوانس : جمع كانس : مأوى الظبي بين الأشجار.