للتعريف ، ففي حالة الرفع وضعا على صيغة المثنّى المرفوع ، وفي حالة النصب والجرّ وضعا على صيغة المثنّى المنصوب والمجرور.
هذا مذهب ابن الحاجب ، وصحّحه جماعة من المحقّقين. وذهب بعضهم إلى أنّهما معربان ومثنيان حقيقة ، وهو الظاهر ، كما سيأتي في الموصولات ، وكلام ابن هشام في الأوضح يقتضي أنّ ثمّ قولا ثالثا ، وهو إعرابهما مع تثنيتهما ، ولا قائل به كما نبّه عليه شارحه.
تأويل إنّ هذان لساحران : وقوله تعالى : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) [طه / ٦٣] ، بالألف في اسم الإشارة وتشديد نون إنّ في قراءة غير أبي عمرو وابن كثير وحفص متأوّل ، وتأويله بأوجه.
أحدها : أنّ اسم إنّ ضمير الشأن محذوف ، والأصل إنّه هذان لهما ساحران ، فحذف المبتدأ ، وهو كثير ، وحذف ضمير الشأن ، كما حذف من قول (ع) : إنّ من أشدّ الناس عذابا يوم القيامة المصوّرون (١) ، وهو ضعيف لما مرّ.
الثاني : أنّ إنّ بمعنى نعم ، مثلها في قول ابن الزبير (٢) لمن قال له : لعن الله ناقة حملتني إليك : إنّ وراكبها ، أي نعم ولعن راكبها ، وهي لا تعمل شيئا ، لأنّها حرف تصديق فلا اسم لها ولا خبر ، وهذان مبتدأ ، وساحران خبر لمبتدإ محذوف ، أي لهما ساحران ، ويضعفه أنّ الجمع بين لام التوكيد وحذف المبتدإ كالجمع بين متنافين.
الثالث : أنّه جاء لغة خثعم (٣) وبلحارث بن كعب وزبيد (٤) وكنانه وآخرين ، فإنّهم يستعملون المثنّى بالألف دائما قال [من الطويل] :
٤٨٠ ـ تزّود منّا بين أذناه طعنة |
|
... (٥) |
قال [من الرجز] :
٤٨١ ـ إنّ أباها وأبا أباها |
|
قد بلغا في المجد غايتاها (٦) |
واختار هذا الوجه ابن مالك.
__________________
(١) الجامع الصغير ، ص ١٣٣ ، رقم ٢٢٠٠.
(٢) هو عبد الله بن الزبير الأشيم الأسدي ، من شعراء الدولة الأموية ، كان هجّاء ، يخاف الناس شرّه ، ومات في خلافة عبد الملك بن مروان سنة ٧٥ ه ق. الأعلام للرزكلي ، ٤ / ٢١٨.
(٣) خثعم : قبيله عربيّة قحطانية.
(٤) قبيلة من كهلان ، من القحطانية.
(٥) تمامه «دعته إلى هابي التّراب عقيم» ، وهو لهوبر الحارثيّ. اللغة : الطعنة : المرة من الطعن وهو الضربة بالرمح ، هابي التراب : ما ارتفع ودقّ منه العقيم من الارض : ما اعتقمتها فحفرتها.
(٦) تقدّم برقم ٧٤.