تنبيه : الصلة لا تكون إلا جملة ، لأنّ وضع الموصول على أن يطلقه المتكلّم على ما يعتقد أن المخاطب يعرفه بكونه أو كون متعلّقه محكوما عليه أو به ، فالأوّل نحو : زيد الّذي ضربني أو الّذي ضربني غلامه ، والثاني نحو : الّذي أخوك هو ، أو الّذي أخوك غلامه.
والحكم على شيء بشيء من مضمونات الجمل ، أو ما أشبهها من الصفات مع فاعلها والمصدر مع فاعله ، لكن لمّا كان اقتضاء الموصول للحكم وضعيّا أصليّا لم يستعمل معه من جميع ما يتضمّن الحكم إلا ما يكون تضمنّه له أصليّا لا بالشبه ، وهو الجملة ، وهي إمّا ظاهرة كما مرّ ، أو مقدّرة ، نحو : الّذي عندك والّذي في الدار ، لأنّ التقدير الّذي استقرّ ، أو مؤوّلة ، نحو : الضارب والمضروب.
فإن صلة أل جملة مؤوّلة بمفرد كما قال الرضي وغيره ، والأصل الضرب واليضرب ، فكرهوا دخول أل المشابهة للحرفية لفظا ومعنى على صورة الفعل أمّا لفظا فظاهر ، وأمّا معنى فلصيرورتها مع ما دخلت عليه معرفة كالحرفيّة مع ما تدخل عليه ، فصيروا الفعل المبنيّ للفاعل في صورة اسم الفاعل ، والمبنيّ للمفعول في صورة اسم المفعول ، ولذلك عملا بمعنى الماضي ، ولو كانا اسمي فاعل ومفعول حقيقة ، لم يعملا بمعنى الماضي كالمجرّدين عن أل ، وستأتي تتمّة الكلام على جملة الصلة الظاهرة في حديقة الجمل ، إن شاء الله تعالى.
لطيفة : يحكى أنّ ابن عنين الشاعر كتب إلى الملك المعظّم وقد اعتلّ ، ولم يأته ، وانقطعت عنه صلاته قوله [من الكامل] :
٤٩٢ ـ أنظر إلى بعين مولي لم يزل |
|
يولي الندا وتلاف قبل تلافي |
أنا كالّذي أحتاج ما تحتاجه |
|
فاغنم دعائي والثناء الوافي |
فعاده ووصله بألف دينار ، وقال له : أنت الّذي ، وهذه الصلة ، وأنا العائد.
«وهو» أي الموصول الاسميّ نوعان : خاصّ ، وهو ما مدلوله واحد ، أمّا مفرد مذكّر أو مؤنّث أو مثنّى كذلك أو مجموع كذلك ، ومشترك ، وهو ما يصلح للواحد وغيره ، فالخاصّ هو «الّذي» للمفرد المذكّر عالما : نحو : (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) [النجم / ٣٧] ، أو غيره ، نحو : (أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ) [الواقعة / ٦٨] ، وقال الأخفش : ويكون للجمع أيضا ، وحمل قوله تعالى : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [الزمر / ٣٣].
وتبعه ابن مالك ، لكن قيدّه بما إذا لم يقصد به مخصوص كما في الآية ، فإنّه لو لم يرد به جمع لما أخبر عنه بجمع ، ولا أعيد عليه ضميره ، قال : فإن قصد به مخصوص فلا