أمكن مراعاة الأصل فيه بوجه ، يجب ذلك ، والإناث أقرب إلى غير العقلاء من الذكور ، فتحمل على الإناث ، انتهى ، وقد أشار في الكشاف على ما ستراه.
وذهب بعضهم إلى أنّها تستعمل لما لا يعقل ولغيره نحو : ما سمع من قولهم : سبحان ما سخّر كنّ لنا ، وسبحان ما سبّح الرعد بحمده ، (وَالسَّماءِ وَما بَناها) [الشمس / ٥].
والّذي عليه جماعة من المحقّقين أنّ التفرقة بين من وما في اختصاص من بذوي العلم ، واختصاص ما أو غلبتها في غيرهم إنّما هي إذا أريد الذات ، وأمّا إذا أريد الوصف كما تقول في الاستفهاميّة : ما زيد ، أي فاضل أم كريم ، وفي الموصولة : أكرم ما شيءت من هؤلاء الرجال ، أي القاعد أو القائم ، أو نحو ذلك ، فهو بكلمة ما دون من يحكم الوضع على ما ذكرها الزمخشريّ وصاحب المفتاح وغيرهما ، وإن أنكره قوم ، ومنثمّ قال في الكشاف في تفسيره قوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) [النساء / ٣] ، وقيل ما ذهابا إلى الصفة ، ولأنّ الإناث من العقلاء يجرين مجرى غير العقلاء ، ومنه قوله تعالى (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) [النساء / ٣].
فأشار بقوله ذهابا إلى الصفة إلى أنّ المراد : فانكحوا الموصوفة بأيّ صفة شيء تم من البكر والشيب والشابة والجميلة والنسبية وأضداد ذلك إلى غير ذلك من الأوصاف (١).
أل الموصولة : «وأل» الداخلة على صفة محضة من اسم فاعل أو مفعول بخلاف غير المحضة كالّذي يوصف له ، وهو غير مشتقّ كأسد وكصفة غلبت عليها الاسميّة كالابطح والأجرع والصاحب ، أو دلّت على التفضيل كالأعلم والأفضل ، قال في جميع ذلك للتعريف اتّفاقا.
واختلف في الداخلة على الصفة المشبّهة كالحسن ، فذهب بعضهم إلى أنّها فيه موصولة ، والأصحّ أنّ المشبّهة لا تكون صلة لأل كما سيأتي ، وتكون أل بمعنى الّذي والّتي والمثنّى والجمع بحسب ما يبيّنه الضمير الراجع إليها ، وللعاقل وغيره نحو : الضارب والضاربة والضاربان والضاربون والضاربات ، أي ضرب والّتي ضربت إلى آخره ونحو : (السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) [طور / ٥] ، أي الّذي رفع ، والّذي سجر. وقد توصل بظرف وبجملة اسميّة أو فعلية ، فعلها مضارع ، فالأول كقوله [من الرجز] :
٥٠٧ ـ من لا يزال شاكرا على المعه |
|
فهو حر بعيشة ذات سعة (٢) |
__________________
(١) سقط الأوصاف في «ح».
(٢) لم يسمّ قائله. اللغة : المعه : يريد الّذي معه ، حر : حقيق وجرير ولائق ، سعة : اتساع ورفاهيه ورغد.