لا نري أنّه خالف الرضيّ إلا في مواضع قليلة ، مثلا اختلف النحاة في أنّ الظرف والجارّ والمجرور هل هما نفسهما الخبر أو لا؟ حيث يعتقد الرضيّ أنّ الظرف والمجرور ومتعلّقهما هي الخبر ، ولكن السّيّد على خان خالفه ، حيث ذهب إلى أنّ الخبر في الحقيقة هو العامل المحذوف ، وأنّ تسمية الظرف والمجرور خبرا مجاز.
استشهد السّيّد على خان الكبير بآيات قرآنيّة كثيرة ، في حين أهمل الحديث إلى حدّ ما ، حيث يبدو أنّ الأحاديث لم تلبّ حاجته وما يريده من الشواهد ، ولعلّه في ذلك اتّبع سنّة العلماء الّذين تنكّبوا الاستشهاد بالأحاديث لعدم وثوقهم بأنّ ذلك لفظ النبيّ (ص) لأمرين :
أحدهما : أنّ الراوة جوّزوا النقل بالمعنى ، ولا سيّما مع تقادم الزمان والاتّكال على الحفظ ، فالضابط منهم من ضبط المعنى ، وأمّا من ضبط اللفظ فبعيد ، ولا سيّما في الأحاديث الطوال الّتي لم يسمعها الرواة إلا مرّة.
الثاني : أنّه وقع اللحن كثيرا في الحديث ، لأنّ كثيرا من الرواة كانوا غير عرب بالطبع ، ولا يعلمون لسانهم بصناعة النحو ، ورسول الله (ص) كان أفصح الناس ، وإذا تكلّم بلغة غير لغة أهله ، فإنّما ذلك مع أهل تلك اللغة على طريق الإعجاز وتعليم الله تعإلى.
وعلى رغم تعدّد شارحي كتاب الصمديّة للشيخ البهائيّ ، إلا أنّ شرح السّيّد على خان المدنيّ يعتبر الأفضل والأشهر بينها ، لجهة استشهاده بالآيات القرآنية بشكل كبير إلى جانب الأبيات الشعريّة ، فجاء شرحه حاويا لألف ومائة بيت من الشعر لشعراء من العصر الجاهليّ وصدر الإسلام والعصرين الأمويّ والعباسيّ وبعض شعراء عصر الانحطاط.
وبما أنّ السّيّد على خان الكبير كان من كبار العلماء والأدباء ، لذلك ضمّن شرحه للقواعد النحويّة مباحث تفسيريّة للقرآن الكريم ، مستفيدا كثيرا من تفسير الكشاف للزمخشريّ ، وكذلك ضمّن شرحه المسائل التاريخيّة أثيرت بين العلماء حول المسائل النحويّة واللغويّة ، وفي كثير من الأحيان يبدأ قبل دخول البحث بشرح قضايا الأصوات اللغويّة phonetics فيما يتعلّق بتلفظ المفردات إضافة إلى شرح فلسفة الإعراب والمباحث البلاغيّة والكلاميّة ، ويعدّ الكتاب من هذه الناحية من أكمل الكتب النحويّة ، ليس يغني من جوع فحسب بل يسمن أيضا.
وقد قدّم الشارح الكبير كلّ القواعد النحويّة وفوائدها بصورة استدلإلية وعقليّة ومنطقيّة ، ولم يترك مسألة منها إلا واستشهد فيها بالآيات القرآنيّة والقراءات