المركّب
ص : ومنها : المركّب ، وهو ما ركّب من لفظين بينهما نسبة ، فإن تضمّن الثاني حرفا بنيا كخمسة عشر وحادي عشر وأخواتها إلا اثني عشر وفرعيه ، إذ الأوّل منها معرب على المختار ، وإلا أعرب الثاني كبعلبك ، إن لم يكن قبل التركيب مبنيّا كسيبويه.
ش : «ومنها» أي ومن المبنيّات «المركّب وهو» أي اسم ، وهو كالجنس يشمل المحدود وغيره من الأسماء ، «ركّب من لفظين» مستعملين اسمين أو فعلين أو حرفين أو مهملتين أو مختلفين ، وهو أولى من قول ابن الحاجب من كلمتين ، وهو كفصل أخرج ما ليس بمركّب وشمل نحو : عبد الله وتأبّط شرّا ، ممّا ليس من أفراد المحدود.
فأخرج بقوله : «ليس بينهما نسبة» أي قبل التركيب ، وأورد نحو : خمسة عشر ، فإنّه يخرج بهذا القيد أيضا ، مع أنّه من أفراد المحدود ، لأنّ بين لفظيه قبل التركيب نسبة العطف ، إذ أصله خمسة وعشر ، ولذلك حكم بتضمّنه حرف العطف ، وتعيين النسبة على وجه يخرج منها هذه النسبة دونها خرط القتاد (١).
قال بعضهم : وقد يجاب بأنّ القول بتضمّن هذا المركّب معنى حرف العطف وكذا نحو : بيت بيت ، ممّا تضمّن معنى حرف الجرّ حكمي لتوجيه البناء كالعدل في عمر لتوجيه منع الصرف ، كما سيأتي ، وإلا فخمسة عشر بمعنى العقد المخصوص ، وبيت بيت بمعنى ملاصقة البيتين ، فما اشتهر من تقسيم تضمّن الحرف إلى حقيقيّ كخمسة عشر وحكميّ كخاز باز (٢) ليس بشيء ، بل التضمّن في كليهما حكميّ ، انتهى ، فتأمّل.
«فإن تضمّن اللفظ الثاني حرفا بنيا» أي اللفظان «كخمسة عشر» أصله خمسة وعشر ، حذفت واو العطف قصدا لتركيب الاسمين ، ومزجهما للتخفيف ، وبني الأوّل لافتقاره إلى الثاني فأشبه الحرف.
والثاني لتضمّنه معنى الحرف وهو الواو ، وكان البناء على حركة اشعارا بأنّ لهما أصلا في الإعراب ، وكانت فتحة لتجبر خفّتهما ثقل التركيب.
وحادي عشر بفتح الياء ، وهو الأفصح ، وجاز سكونها تخفيفا كثماني عشر ، وأشار بإيراد هذا المثال إلى أنّ اسم الفاعل المشتقّ من العدد المركّب مبنيّ كالعدد المركّب ، واستشكل بناءه لعدم تضمّن الثاني حرفا لعدم استقامة المعنى بتقدير حادي وعشر ، لأنّ
__________________
(١) في المثل «دون ذلك خرط القتاد» يضرب للأمر دونه مانع.
(٢) الخازباز : ذباب يكون في الروض. وقال ثعلب : الخازباز بقلتان ، فإحداهما الدّرماء ، والأخرى الكحلاء ، وقيل : الخازباز ثمر العنصلة.