وفي بعض شروح الكافية إنّ مطلقا قيد للدلالة ، أي دلالة مطلقة غير مختصّة بمادة ، فخرج به : جاء القوم كلّهم ، وأعجبني زيد علمه ، فإنّ دلالة هذه التوابع على معنى في متبوعها مختصّة بالمادّة حتى لو قيل : أعجبني زيد غلامه ، وأعجبني زيد وغلامه ، وجاء زيد نفسه ، انتفت الدلالة.
وفيه ما عرفت من أنّ كلّ تابع يدلّ على معنى في متبوعه وأنّه لا يساعده اللفظ مطلقا ، إذ مقتضي هذا التوجيه تأنيث مطلقا ، وإنّه يخالف ما حمله المصنّف عليه ، وإنّ ذلك في أعجبني القوم كلّهم باطل ، لأنّ تركيب التأكيد مع المتبوع يفيد تقرير الشمول ، فلولا دلالته على حصول في متبوعه لم يتقرّر الشمول الّذي يدلّ عليه المتبوع.
تنبيهات : الأوّل : يرد على هذا التعريف الجسم الطويل العريض العميق ، فإنّ المقصود فيه بيان معنى الجسم لا الدلالة على معنى فيه ، وسيأتي فيه كلام ، وكذا نحو : (نَفْخَةٌ واحِدَةٌ) [الحاقة / ١٣] ، فإنّ المقصود فيه تأكيد معنى في المتبوع ، لا الدلالة على معنى فيه ، فلا يشملها التعريف مع أنّهما من أفراد المعرّف.
الثاني : يرد على هذا التعريف أيضا الوصف بحال المتعلّق ، نحو : رجل حسن غلامه ، فإنّ الوصف فيه يدلّ على معنى في الغلام لا في الرجل ، فكان ينبغي أن يزاد فيه أو متعلّقه ، واعتذر مع الاعتراف بأولويّة هذه الزيادة بأنّ المراد بالمعنى في المتبوع أعمّ من معنى فيه تحقيقا أو تتريلا ، والوصف بحال المتعلّق لتتريل حاله مترلة حال المتبوع.
قال الرضيّ : وقد يجعل حال متعلّق الشيء وصفا لذلك الشيء بتزيله مترلة حاله ، نحو : مررت برجل مصريّ حماره ، لحصول الفائدة بذلك ، أو إنّ المراد الدلالة على معنى في متبوعه أعمّ من دلالة الوصف وحده أو مع ضميمة المتعلّق ، ولا خفاء في دلالته مع المتعلّق على حال المتعلّق ، وإنّما يميّز عن الوصف بحال الموصوف ، مع أنّ كليهما للدلالة على معنى في المتبوع لاختلاف أحكامهما.
فوائد النعت : الثالث : فائدة النعت التخصيص ، وهو تقليل الاشتراك في النكرات ، كجاءني رجل تاجر ، أو التوضيح ، وهو رفع الاحتمال في المعارف كجاءني الرجل التاجر ، أو المدح أو الذمّ ، نحو : أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم ، أو الترحّم ، نحو : أنا عبدك المسكين ، أو التعميم ، نحو : إنّ الله يرزق عباده الطائعين والعاصين ، أو التفصيل ، نحو : مررت برجلين عربيّ وعجميّ ، أو الإبهام ، نحو : تصدّق بصدقه قليلة أو كثيرة ، أو التأكيد ، نحو : (نَفْخَةٌ واحِدَةٌ) [الحاقة / ١٣] ، أو الكشف عن الماهيّة ، نحو : الجسم الطويل العريض العميق ، كذا قال بعض المحقّقين.