الثالثة : إذا تعدّد العامل ، فإن اتّحد عمله ومعناه ولفظه أو جنسه جاز الاتّباع مطلقا ، فتقول فيما اتّحد عمله ومعناه ولفظه : ذهب زيد وذهب عمرو العاقلان ، وهذا زيد وهذا عمرو الفاضلان ، ورأيت زيدا ورأيت عمرا الفاضلين ، ومررت بزيد ومررت بعمرو الكريمين ، وفيما اتّحد معناه وعمله وجنسه ، جاء زيد وأتي عمرو الظريفان ، وهذا زيد وذاك عمرو العاقلان ، ورأيت زيدا وأبصرت خالدا الشاعرين ، وسقت النفع إلى خالد وسيق به لزيد الكاتبين ، وخصّص بعضهم ذلك بنعت فاعلي فعلين وخبري مبتدأين وليس بشيء.
وإن عدم الاتّحاد في المعنى والعمل واللفظ ، كجاء زيد ورايت عمرا ، أو في المعنى والعمل والجنس كهذا ناصر زيد ويخذل عمرا ، أو في المعنى واللفظ ، كجاء زيد ومضي عمرو ، أو في العمل واللفظ كهذا مؤلم زيد وموجع عمرو ، وجب القطع ، إمّا بالرفع على إضمار مبتدإ ، أو بالنصب على إضمار فعل لائق ، ويمتنع الاتباع ، لأنّه يؤدّي إلى تسليط عاملين مختلفي المعنى على معمول واحد من جهة واحدة ، بناء على أنّ العامل في المنعوت هو العامل في النعت ، وهو الصحيح ، أمّا إذا اتّحد العاملان معنى وعملا ، فلا محذور في الاتباع ، لأنّ العاملين من جهة المعنى شيء واحد ، فترّلا مترلة العامل الواحد عند الجمهور.
وقال ابن سراج : إذا اتّفقا لفظا كان الثاني توكيدا للأوّل ، وإن كان العامل واحدا ، جاز الاتباع والقطع ، إن لم يختلف العمل ، نحو : قام زيد وبكر العاقلان ، وإن اختلف تعيّن القطع ، سواء اختلفت النسبة إلى المتبوعين من حيث المعنى ، نحو : ضرب زيد عمرا العاقلان ، أم اتّحد ، نحو : خاصم زيد عمرا الظريفان ، هذا مذهب البصريّين ، وقال الفرّاء يتبع الأخير عند الاتّحاد ، والكسائيّ الأوّل ، وابن سعدان أيّهما شيءت.
النعت المقطوع : الرابعة : يجوز الاتّباع والقطع في نعت غير مبهم إن لم يكن ملتزما ولا مؤكّدا ، قال يونس : ولا ترحّما ، نحو : الحمد لله الحميد ، أي هو ، و: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) [المسد / ٤] ، أي أذمّ ، (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) [النساء / ١٦٢] ، أي أمدح ، وأللهمّ الطف بعبدك المسكين ، أي ارحم ، على رأي الجمهور بخلاف نعت المبهم ، كمررت بهذا العالم أو النعت الملتزم ومثّلوا له بالشعري العبور (١) ، والأولى أن يمثل بالجمّاء الغفير والمؤكّد نحو : (إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) [النحل / ١٥] ، فلا يجوز فيها القطع.
__________________
(١) الشّعري : كوكب نيّر يطلع عند شدّة الحرّ. وفي القرآن (وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى)[النجم / ٤٩] ، وهما شعريان : الشّعري العبور ، والشّعري الغميصاء.