أحدها : أن يتقدّمها إثبات ، نحو : جاءني زيد لا عمرو ، أو أمر ، نحو : اضرب زيدا لا عمرا ، أو نداء ، نحو : يا ابن أخي لا ابن عمي ، وزعم ابن سعدان أنّ هذا ليس من كلامهم. قال أبو حيّان : وهذا شهادة على نفي ، وقد ذكر ذلك سيبويه في كتابه ، والظّنّ به أنّه لم يذكره إلا وهو مسموع ، انتهى. وهذا الشرط يعلم من معنى لا.
الثاني : أن لا تقترن بعاطف ، فإذا قيل : جاء زيد لا بل عمرو ، فالعاطف بل ، ولا ردّ لما قبلها ، وليست عاطفة. وإذا قلت : ما جاءني زيد ولا عمرو ، فالعاطف الواو ، ولا توكيد للنفي.
الثالث : أن يتعاند متعاطفاها ، فلا يجوز ، جاءني رجل لا زيد ، لأنّه يصدق على زيد اسم الرجل بخلاف : جاءني رجل لا امراة ، نصّ على هذا الشرط السهيليّ في نتائج الفكر (١) ، والأبذيّ في شرح الجزولية (٢) ، وتبعهما الشيخ أبو حيّان.
قال ابن هشام : وهو حقّ ، ولا يمتنع العطف بها على معمول الفعل الماضي خلافا للزجاجي ، أجاز : يقوم زيد لا عمرو ، ومنع : قام زيد لا عمرو ، ويردّ منعه قولهم : نفعك جدّك لا كدّك ، وقول امرئ القيس [من الطويل] :
٥٥٩ ـ كأنّ دثارا حلّقت بلبونه |
|
عقاب تنوفي لا عقاب القواعل (٣) |
دثار : اسم راع وتنوفي ثنية ، والقواعل جبال صغار.
ولكن لتعليق حكم متلوّها ، وإثبات نقضيه لتإليها ، نحو : ما جاء زيد لكن عمرو ، ولا تهن زيدا لكن عمرا ، فيستفاد من ذلك تقرير عدم مجئ زيد والنهي عن الإهانة واثبات المجئ ، والأمر بالأهانة لعمرو ، وللعطف بها ثلاثة شروط أيضا :
أحدها : أن يتقدّمها نفي كما مرّ ، فان قلت : قام زيد ، ثمّ جئت بلكن ، جعلتها حرف ابتداء فجئت بالجملة فقلت : لكن عمرو لم يقم.
الثاني : أن لا تقترن بالواو ، قاله الفارسيّ وأكثر النّحويّين ، فإن اقترنت بها ، نحو : ما قام زيد ولكن عمرو ، ففيه أربعة أقوال.
أحدها : ليونس ، إنّ لكن غير عاطفة ، والواو عاطفة مفردا على مفرد.
__________________
(١) نتائج الفكر في علل النحو للشيخ أبي القاسم عبد الرحمن السهيلي الأندلسي المتوفى سنة ٥٨١ ه. كشف الظنون ٢ / ١٩٢٤.
(٢) «الجزولية» رسالة في النحو لعيسى بن عبد العزير بن يلبخت الجزولي من علماء العربية المتوفى سنة ٦٠٧ ه. الأعلام للزركلي ، ٥ / ٢٨٨.
(٣) اللغة : دثار : هو دثار بن فقعس راعي امرئ القيس ، حلّقت : ماض من تحليق ، يقال : حلّق الطائر إذا ارتفع في طيرانه إلى جوّ السماء ، بلبونه : مفعول والباء للتعدية واللبون كصبور ذات اللبن من الابل وغيره ، تنوفي : اسم موضع ، وقيل : هو ثنية في جبال طئ مرتفعة.