جالسا وأبو بكر خالدا سعيدا منطلقا ، وعلى منع العطف على معمولي أكثر من عاملين ، نحو : إنّ زيدا ضارب أبوه لعمرو وأخاك غلامه بكر.
التأكيد
ص : الثالث : التّأكيد وهو تابع يفيد تقرير متبوعه : أو شمول الحكم لإفراده ، وهو إمّا لفظيّ ، وهو اللفظ المكرّر ، أو معنويّ ، وألفاظه : «النفس» و «العين» ، ويطابقان المؤكّد في غير التثنية ، وهما فيها كالجمع ، تقول : جائني زيد نفسه ، والزيدان أنفسها ، والزيدون أنفسهم ، و «كلا» و «كلتا» للمثنّى ، و «كلّ» و «جميع» و «عامّة» لغيره من ذي أجزاء يصحّ افتراقها ، ولو حكما ، نحو : اشتريت العبد كلّه ، وتتّصل بضمير مطابق للمؤكّد ، وقد يتبع «كلّ» بأجمع وأخواته.
مسألتان : لا تؤكّد النكرة إلا مع الفائدة ، ومن ثمّ امتنع : رأيت رجلا نفسه ، وجاز اشتريت عبدا كلّه ، وإذا أكّد المرفوع المتّصل بارزا أو مستترا بالنّفس والعين فبعد المنفصل ، نحو : قوموا أنتم أنفسكم ، وقم أنت نفسك.
ش : «الثالث» من التوابع «التأكيد» بالهمزة وبإبدالها ألفا على القياس في نحو رأس ويقال : التوكيد أيضا ، وهو الأفصح ، «وهو تابع» ، وهذا كالجنس ، يشتمل جميع التوابع. «يفيد تقرير متبوعه» أي تقرير مفهومه ومدلوله ، «أو» تقرير «شمول الحكم لأفراده» أي أفراد المتبوع ، ومعنى التقريرها هنا أن يكون مفهوم التأكيد ومؤدّاه ثابتا في المتبوع ، ويكون لفظ المتبوع يدلّ عليه صريحا كما كان معنى نفسه ثابتا في زيد في قولك : جاءني زيد نفسه ، إذ يفهم من زيد نفس زيد ، وكذا كان معنى الشمول الّذي في كلّهم مفهوما من القوم في جاءني القوم كلّهم ، إذ لا بدّ أن يكون القوم إشارة إلى جماعة معيّنة ، فيكون حقيقة في مجموعهم ، ثمّ إنّ التاكيد يقرّر ما ثبت في المتبوع ، ودلّ عليه أي يجعله مستقرّا محقّقا ، بحيث لا يظنّ به غيره.
وبهذا خرج ما عدا المحدود من التوابع ، أمّا النعت غير التوكيديّ والعطف بالحرف فظاهر ، وأمّا النعت التوكيدي نحو (نَفْخَةٌ واحِدَةٌ) [الحاقة / ١٣] ، فإنّ واحدة وإن أفادت (١) تقرير مفهوم المتبوع ، وهو الوحدة ، لكن هذه الإفادة ليست بالوضع ، فإنّ النعت إنّما وضع للدلالة على معنى في متبوعه ، وأمّا عطف البيان فليس جميعه مدلولا عليه بلفظ المتبوع ، فزيد من نحو : جاءني العالم زيد ، لا دلالة للعالم عليه ، بل ربّما دلّ
__________________
(١) سقطت «فإنّ واحدة وإن أفادت» في «ح».