بعض متبوعاته عليه ، وذلك مع قلّة الاشتراك ، نحو : أقسم بالله أبو حفص عمر ، إذا فرضنا أنّه ليس هناك ممن سمّي بأبي حفص إلا اثنان أو ثلاثة ، كذا قيل.
وفي دلالة المتبوع عليه في هذا أيضا نظر ، فإنّ دلالته عليه أنّما استفيدت من خارج ، وهو علم المخاطب أو السامع بوضع هذه الكنيه لمسمّى هذا الاسم ، وإلا فأبو حفض مثلا لا يدلّ على عمر من حيث هو متبوع ، وأمّا البدل فمتبوعه غير مقصود ، فلا يكون تقريره مقصودا ، وقولهم : إنّ الإبدال للتقرير ، معناه أنّه لتقرير ما صدق البدل عليه لا بتقرير المتبوع من حيث هو متبوع.
تنبيه : قوله : «أو شمول الحكم لأفراده» ليس للإحتراز به عن شيء ، بل لبيان فائدة التوكيد. فتقرير المتبوع مقرّرا في ذهن السامع بإزالة غفلته عن سماع اللفظ ، أو بإزالة توهّمه كون ذكر المتبوع غلطا ، أو كونه بمعناه المجازي ، سواء كان منسوبا أو منسوبا إليه ، وتقرير شمول الحكم لأفراده جعله مقرّرا في ذهن السامع بإزالة توهّم أنّ الحكم أنّما هو على بعض أفراد المتبوع ، وحكم على الكلّ تجوّزا لعدم الاعتداد بمن لم يجئ منهم ، فإذا أكّد زال توهّم المجاز ، وثبت الحقيقة ، وسيأتي بيان ما يرفع به كلّ من هذه التوهّمات من ألفاظ التوكيد ، ولا يخف أنّ قوله : «يفيد تقرير المتبوع» يغني عن ذكر الشمول ، لظهور إن جاء القوم كلّهم ، يفيد تقرير المتبوع بإزالة توهّم كون المراد بالقوم بعضهم ، فذكره أنّما هو زيادة توضيح.
التوكيد اللفظيّ والمعنويّ : «وهو» أي التوكيد «إمّا لفظيّ وهو» أي التأكيد اللفظيّ «اللفظ المكرّر» بعينه ، نحو : جاء زيد زيد ، أو بموافقة في المعنى ، نحو : حقيق جدير ، و: (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) [البقرة / ٣٥] ، أو في الزنة ، وإن لم يكن له في حال الإفراد معنى ، بل ضمّ إلى الأوّل لتزيين الكلام لفظا وتقويته معنى ، نحو : حسن بسن وشيطان ليطان. ويجب التأكيد اللفظيّ عند إرادة المتكلّم دفع ضرر غفلة السامع وظنّه به الغلط ، ولا يجدي هاهنا التأكيد المعنويّ ، لأنّك لو قلت : ضرب زيد نفسه ، فربّما ظنّ بك أنّك أردت ضرب عمرو ، فقلت نفسه ، بناء على أنّ المذكور عمرو ، وكذا إن ظننت به الغفلة عن سماع لفظ زيد يجب أيضا عند إرادته دفع ظنّ السامع به التجوّز في المنسوب ، نحو : زيد قتيل قتيل ، دفعا لتوهّم السامع أنّ المراد بالقتل الضرب الشديد ، وأمّا عند إرادته دفع ظنّه به التجوّز في المنسوب إليه فيجوز اللفظيّ ، نحو : ضرب زيد زيد ، أي ضرب هو ، لا من يقوم مقامه ، والمعنويّ كما سيأتي.