التوكيد المعنويّ وألفاظه : «أو معنويّ» ، هذا قسيم قوله إما لفظيّ ، وإنّما أخّره ، وان كان هو المعتدّ به في التوابع ، كما قال ابن عقيل لطول الكلام فيه ، «وألفاظه» محصورة ، وهي «النفس والعين» ، ويكونان لدفع المتكلّم ظنّ السامع به تجوّزا في المنسوب إليه ، فإنّه إذا قيل : قطع الأمير اللصّ ، احتمل أن يكون باشر قطعه ، وهو المعنى الحقيقيّ ، وأن يكون أمر بقطعه (١) ، ونسب إليه لكونه سبب أمر ، أو هو المعنى المجازيّ ، فإذا قيل : نفسه أو عينه ، ارتفع ظنّ التجوّز ، وثبت الحقيقة.
تنبيه : محلّ كون النفس والعين من ألفاظ التوكيد إذا أريد بهما الحقيقة ، فلو أريد بالنفس الدم ، وبالعين الجارية المخصوصة ، نحو : أرقت زيدا نفسه ، وطرفت زيدا عينه ، لم يكونا من التوكيد ، بل بدل بعض من كلّ ، وهو ظاهر.
«ويطابقان المؤكّد في غير التثنية» وهو الإفراد والجمع «وهما» أي النفس والعين «فيها» أي في التثنية «كالجمع» فيجمعان في توكيد الاثنين ، كما يجمعان في توكيد الجماعة ، تقول : جاء زيد نفسه أو عينه ، وجاءت هند نفسها أو عينها ، والزيدان أنفسهما أو أعينهما ، والهندان أنفسهما أو أعينهما ، والزيدون أنفسهم أو أعينهم ، والهندات أنفسهن أو أعينهنّ.
تنبيهات : الأوّل : ما جزم به من وجوب جمع النفس والعين في توكيد الاثنين هو ما صرّح به ابن مالك في التسهيل ، وجزم به ابن هشام في القطر ، وصرّح به بعضهم بجواز الأوجه الثلاثة ، وبه جزم ابن هشام في شرح الشذور ، قال : إذا أكّد المثنّى بالنفس والعين ففيهما ثلاث لغات : أفصحها الجمع ، ودونه الأفراد ، ودون الإفراد التثنية ، وهي الأوجه الجائزة في قطعت رؤوس الكبشين ، انتهى.
وإنّما أخّرت التثنية لكراهة اجتماع تثنيّتين فيما هو كالكلمة الواحدة ، واختير الجمع على الافراد ، لأنّ التثنية جمع في المعنى. وجوّز ابن مالك وولده تثنية النفس والعين في توكيد الاثنين ، نحو : قام الزيدان نفساهما وعيناهما ، ومنع ذلك أبو حيّان ، وقال : إنّه غلط ، لم يقل به أحد من النّحويّين ، انتهى. وفي شرح الكافية للرضيّ ، وقد يقال : نفساهما وعيناهما على ما حكى ابن كيسان عن بعض العرب.
الثاني : مثل النفس والعين في جوازه الأوجه الثلاثة (٢) ما أضيف إلى متضمّنه ، وهو مثنى لفظا ، نحو : قطعت رؤوس الكبشين ، أي رأساهما ، أو معنى ، كقوله [من الطويل] :
__________________
(١) لم يقطعه «ح».
(٢) في جواز الإضافة «ح».