البدل
ص : الرّابع : البدل وهو التابع المقصود أصالة بما نسب إلى متبوعه ، وهو بدل الكلّ من الكلّ ، والبعض من الكلّ ، والاشتمال : وهو الّذي اشتمل عليه المبدل منه ، بحيث يتشوّق السّامع إلى ذكره ، نحو : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ ،) والبدل المباين : وهو إن ذكر للمبالغة ، سمّي بدل البداء كقولك : حبيبي قمر شمس ، ويقع من الفصحاء ، أو لتدارك الغلط ، فبدل الغلط نحو : جاءني زيد الفرس ، ولا يقع من فصيح.
هداية : لا يبدل الظاهر عن المضمر بدل الكلّ إلا من الغائب ، نحو : ضربته زيدا ، وقال بعض المحقّقين : لا يبدل المضمر من مثله ، ولا من الظاهر ، وما مثّل به لذلك مصنوع على العرب ، ونحو : قمت أنا ، ولقيت زيدا إيّاه تاكيد لفظيّ.
ش : «الرابع» من التوابع «البدل» التعبير به اصطلاح البصريّين ، والكوفيّون يعبّرون عنه بالترجمة والتبيين في نقل الأخفش ، وقال ابن كيسان : يعبّرون عنه بالتكرير ، والغرض منه أن يذكر المقصود بالنسبة بعد التوطئة لذكره بالتصريح بتلك النسبة إلى ما قبله لإفادة تقوية الحكم وتقريره ، لأنّه بمترلة إسناد الحكم إلى المحكوم عليه مرّتين.
«وهو» في اللغة العوض ، وفي الاصطلاح «التابع» هو كالجنس ، يشتمل جميع التوابع ، وقوله : «المقصود أصالة» بفتح الهمزة «بما نسب إلى متبوعه» أخرج ما عدا المحدود من التوابع ، أمّا النعت والتوكيد فظاهر ، وأمّا البيان والمعطوف بالحرف فإنّما وإن كانا مقصودين بما نسب إلى متبوعهما ، إلا أنّهما مقصودان تبعا لا أصالة ، لكن هذا لا يفي بإخراج جميع أقسام المعطوف بالحرف لصدق التعريف على المعطوف ببل في مثل قولنا : جاء زيد بل عمرو ، لأنّه مقصود أصالة بما نسب إلى متبوعه.
وذكر الأوّل أنّما هو غلط أو سهو لسان ، كما تفيده كلمة بل ، والجواب عنه بأنّ المتبوع كان مقصودا أصالة ، لكن لمّا بدا له ، وعرض عنه ، خرج عن تلك الحالة ، وصار المقصود هو التابع ، لا يخفي ما فيه ، ولئن تمّ فإنّما يتمّ إذا كان ذكر المتبوع غلطا ، وأمّا إذا كان سهو لسان فليس المتبوع مقصودا أصلا ، فضلا عن أن يكون أصالة ، فيبقي هذا القسم داخلا في التعريف ، وأيضا فهذا الجواب يخرج التعريف عن عدم الاطّراد إلى عدم الانعكاس ، فإنّ بدل البداء وبدل الغلط يشاركان المعطوف ببل في كون المتبوع كان مقصودا أصالة ، لكن لمّا أبدل منهما أخرجا عن تلك الحالة ، وصار المقصود هو التابع ، فافهم.